تشهد الأزمة الليبية ساعات حاسمة مع مواصلة تركيا حشد ميليشياتها غرب "سرت"، أملا في الولوج إلى مناطق الهلال النفطي، في وقت فوض مجلس النواب الليبي القوات المسلحة المصرية للتدخل لمواجهة الغزو التركي، بينما يواصل الرئيس عبدالفتاح السيسي تحركاته نحو حل يحقن دماء الليبيين ويقطع الطريق أمام الاحتلال التركي. الجيش الليبي: معركة سرت قريبة ونحن جاهزون لها وقال العميد خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني الليبي، إن الجيش لن يبادر بالهجوم على الميليشيات الإرهابية والمرتزقة المدعومين من تركيا في محور غرب سرت، إلا إذا كان هناك تحرك منهم. وأضاف، في اتصال هاتفي ل"الوطن": "المعركة قريبة ومتوقعة، لكن نحن حين نقول إننا لن نبادر بالهجوم، فإن هذا يأتي انطلاق من امتثالنا لمبادرة إعلان القاهرة، التي أعلنت في مصر، والتي تدعو إلى الالتزام بوقف إطلاق النار وإخراج المرتزقة". وقال "ألمحجوب": "قد تهاجم ميليشيات تركيا وقد لا تهاجم، لكننا جاهزون". وتدعم تركيا ميليشيات إرهابية تتحصن بها حكومة فايز السراج كما أرسلت لهم آلاف المرتزقة السوريين والتونسيين واليمنيين للقتال ضد الجيش الوطني الليبي بهدف التقدم شرقا نحو محور "سرت - الجفرة" الذي يفتح الطريق إلى ثروات ليبيا النفطية، وهو المحور الذي اعتبرته مصر خطا أحمر. مصدر ب"غرفة عمليات سرت": الجيش في حالة استنفار تحسيا لأي خطوة عدائية تركية وكان مصدر بغرفة عمليات "سرت" الكبرى التابعة للجيش الوطني الليبي قال، في اتصال ل"الوطن"، إن الجيش الوطني الليبي في حالة استنفار قصوى، وعلى أعلى مستوى، تحسبا لأي خطوة تركية غير محسوبة، وذلك في تعليق على تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مؤخرا، التي أكد فيها رفض وقف إطلاق النار إلا إذا انسحب الجيش الوطني من المدينة الواقعة وسط ليبيا والتي تعد مفتاح الحقول النفطية. وأضاف المصدر: "رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان والإخوان يريدون السيطرة على النفط الليبي، وهذه مسألة حياة أو موت للشعب الليبي، وبالتالي لن نسمح للإخوان ولا لتركيا بالسيطرة على قوت الليبيين". وتابع المصدر: "الجيش الليبي يحشد أقصى طاقاته العسكرية عند سرت لتأمين المدينة من أي عدوان، وهو بالأساس تأمين لثروات ليبيا"، مشددا على أنه لا انسحاب للجيش من "سرت". "النواب الليبي": للقوات المسلحة المصرية حق التدخل في ليبيا لمواجهة الغزو التركي وفي تطور هام، أعلن مجلس النواب الليبي، ترحيبه بما جاء في كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي بحضور ممثلين عن القبائل الليبية، مؤخرا، داعيا إلى تضافر الجهود بين الشقيقتين ليبيا ومصر بما يضمن دحر الُمحتل الغازي ويحفظ أمننا القومي المشترك ويُحقق الأمن والاستقرار في بلادنا والمنطقة، مؤكدا أن للقوات المسلحة المصرية التدخل لحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأت أن هناك خطر داهم وشيك يطال أمن بلدينا. وأوضح المجلس في بيان له، أمس الأول، أن ذلك يأتي في ظل ما تتعرض له بلادنا من تدخل تركي سافر وانتهاك لسيادة ليبيا بمباركة المليشيات المسلحة المسيطرة على غرب البلاد وسلطة الأمر الواقع الخاضعة لهم، ولما تمثله جمهورية مصر العربية من عمق أستراتيجي لليبيا على كافة الأصعدة الأمنية والاقتصادية والإجتماعية على مر التاريخ، ولما تمثله المخاطر الناجمة عن الاحتلال التركي من تهديد مباشر لبلادنا ودول الجوار في مقدمتها الشقيقة جمهورية مصر العربية، والتي لن تتوقف إلا بتكاتف الجهود من دول الجوار العربي. وقال المجلس: إن تصدينا للغزاة يضمن استقلالية القرار الوطني الليبي ويحفظ سيادة ليبيا ووحدتها، ويحفظ ثروات ومقدرات الشعب الليبي من أطماع الغزاة المستعمرين، وتكون الكلمة الُعليا للشعب الليبي وفقاً لإرادته الحرة ومصالحه العليا، كما يؤكد مجلس النواب الليبي على أن ضمان التوزيع العادل لثروات شعبنا وعائدات النفط الليبي وضمان عدم العبث بثروات الليبيين لصالح المليشيات المسلحة الخارجة عن القانون مطلب شرعي لكافة أبناء الشعب الليبي. قبائل ليبيا في "القاهرة" لتأييد دعوة "النواب" للقوات المسلحة المصرية بالتدخل عسكريا وعقب تفويض مجلس النواب الليبي، وصل إلى "القاهرة" وفد من المجلس الأعلى لشيوخ وأعيان القبائل الليبية، لأجل إعلان تأييد القبائل للدعوة التي أطلقها مجلس النواب الليبي المنتخب للقوات المسلحة المصرية بالتدخل عسكريا في البلاد لحفظ الأمن القومي. وقال رئيس المجلس الأعلى لقبائل ورشفانة، مبروك أبو عميد، إن قيادات وطنية اجتماعية وسياسة سوف تتجه إلى مصر، في إطار تنسيق المواقف بين الشعبين، والدفع بتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك والمطالبة بدعم القوات المسلحة من خلال مجلس النواب والقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية. وأضاف أن الزيارة تنصب أيضا على اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة التي تضمن وحدة ليبيا وسيادتها وحماية شعبها، وبما يمكنها من محاربة الإرهاب وصد الغزو الخارجي وبسط السيطرة على كامل ليبيا برا وبحرا وجوا. برلماني روسي: نتفهم قلق مصر وتدخل جيشها يساعد على استعادة الدولة الليبية وفي أول رد فعل دولي على الدعوة الليبية للجيش المصري بالتدخل لحماية الأمن القومي الوطني والمصري، اعتبر البرلماني الروسي لاديمير جاباروف، نائب رئيس لجنة الشئون الدولية في مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي، أن مثل هذا التدخل من شأنه أن يساعد على استعادة الدولة الليبية. وأشار إلى ضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، لكن إذا ساعد الجيش المصري الليبيين في استعادة الدولة سيكون ذلك جيدا وخطوة مهمة"، مؤكدا تفهم قلق مصر حيال زعزعة استقرار الوضع في البلد الجار لها. "السيسي" يتصل بنظيره الفرنسي لبحث الأزمة ويتفقان على تقويض التدخلات الخارجية غير الشرعية في الأراضي الليبية وفي ظل تقارب وجهات النظر بين مصر وفرنسا حيال الأزمة الليبية، أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسي، مساء أمس، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تناول تبادل وجهات النظر والرؤي بشأن تطورات الوضع في ليبيا. وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس استعرض الجهود المصرية المركزة لتسوية الأزمة الليبية على نحو يُفعل إرادة الشعب الليبي، ويحافظ على موارد بلاده ووحدة وسلامة أراضيه، وفِي ذات الوقت يصون الأمن القومي المصري بالعمق الجغرافي الغربي. من جانبه، أشاد الرئيس الفرنسي بالتحركات المصرية الدؤوبة لإحلال الأمن والاستقرار في ليبيا، في إطار إعلان القاهرة كامتداد لمسار برلين لتسوية الأزمة الليبية. وتم التوافق بين الرئيسين على أهمية تقويض التدخلات الخارجية غير الشرعية في الأراضي الليبية، والتي تستخدم الميلشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية لصالح أهدافها، وذلك على حساب الاستقرار في ليبيا والأمن الإقليمي بأسره، كما تم التأكيد على استمرار التنسيق المشترك في الفترة المقبلة بين البلدين لدعم جهود تسوية الأزمة.