بالجلباب الأبيض، واللحية المخضبة بالحناء، وروائح المسك الحجازى التى تفوح من عباءته، وقف أمام أتباعه يفتى بجواز ما تأباه الفطرة، وما تكرهه الأديان. ياسر برهامى، بخبرة الطبيب، يخلق من السم ترياقاً، فيجيز ترك الزوج زوجتَه للمغتصبين حفاظاً على النفس، معللاً ذلك ب«أن حفظ النفس مقدم على حفظ العرض»، ويجوز للزوج ترك زوجه لمغتصبيها، إن لم يُتَح له الدفاع عنها، وكان فى الأمر ما يعرّض حياته للخطر. يعتد بمكانته، يرى أن بيده مقاليد الأمور، منبره ليس للدعوة بل لتوزيع المناصب السياسية. بعد ذيوع الفتوى غضب الأزهر، ومعه دار الإفتاء، فتراجع الرجل، وادعى تحريف فتواه، مشيراً إلى أن هناك رغبة فى الوقيعة.. كلامه الموثق ضرب به عرض الحائط، خرج ليدافع عن نفسه، ويصوغ من قصة سيدنا إبراهيم، عليه السلام، وزوجته سارة مع جبار مصر سنداً له. لم تكن تلك الفتوى الأولى من نوعها، ولا الأخيرة.. «برهامى» أطلق فتوى جديدة بعدم جواز إقامة حد الزنا لو رأى الزوج زوجته وعشيقها عاريين.. يواصل: «لا يجوز للزوج أن يقتلهما ما لم يرَ الفَرْجَ فى الفَرْجِ»، دافع «برهامى» عن تلميذه «بكار»، عندما تحدث عن «ستر الزانى»، قائلاً: «إن الستر واجب ومقدم». يتناقض رأى «برهامى» دائماً مع الأزهر الشريف، فيحرم تهنئة المسيحيين بأعياد الميلاد، مفسراً ذلك بأن أسباب الاحتفال تتنافى ومعتقدات المسلمين، وجاء رد الأزهر على لسان مستشار شيخه الأكبر، الذى وصف الفتوى ب«الكلام الفارغ الذى ليس به مضمون». يخرج ليدافع عن الجيش السورى الحر والإرهاب هناك، بعد أن أدان الأزهر القتل والعنف اللذين تشهدهما سوريا الشقيقة. ياسر محمود برهامى، مواليد مدينة كفر الدوار بالبحيرة، 1958، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1982، ثم ماجستير طب الأطفال من جامعة الإسكندرية، كما حصل على ليسانس الشريعة الإسلامية عام 1999م من جامعة الأزهر. فى الجامعة تعرف على الشيخين أحمد حطيبة وإسماعيل المقدم، وفى أواخر السبعينات من القرن الماضى انضم الثلاثة معاً للجماعة الإسلامية، وبعدما تسلل الإخوان للجماعة، وجدوا أنها انحرفت عن طريقها، فاتجه «برهامى» وزملاؤه لتأسيس الحركة السلفية، وأثناء وجودهم فى الكلية انتشرت محاضراتهم وخطبهم فى الإسكندرية، ودرس كتب محمد بن عبدالوهاب، مؤسس «الوهابية السعودية»، وكذلك كتب «ابن تيمية»، كما شارك فى تأسيس معهد إعداد الدعاة للمدرسة السلفية بالإسكندرية. ينطلق باسم الدين، ويتراجع باسمه، وربما يراوغ، ففى العهد الإخوانى السابق، يظهر له فيديو جرى تصويره خلسةً، يتحدث فيه عن إمكانية عزل «الأزهر»، بدستور لجنة «الغريانى»، وتقويض الصحافة، والسيطرة على مؤسسات الدولة بما فيها المحكمة الدستورية، وفى 2014 خرج مهاجماً الدستور الذى دافع عنه، ويقنع أبناء التيار السلفى بأن «الدستور المعدَّل» يخدم الإسلاميين، عكس «دستور الإخوان» الذى قيّد الحريات.