يمكن القول إن هناك عدة مدن رئيسية تمثل عوامل الحسم، ومحور المعركة الانتخابية التركية الحالية، على رأسها إسطنبول، وأنقرة، وأزمير. ففى العاصمة أنقرة اختار حزب الشعب الجمهورى البرلمانى المعارض منصور ياواش، الذى انضم إليه من حزب الحركة القومية، لخوض الانتخابات فى مواجهة «إبراهيم مليج» مرشح الحزب الحاكم، الذى يتقدم بنسبة قليلة عن مرشح المعارضة. ويعطى رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان أولوية للانتخابات البلدية فى إسطنبول ولا يدع أحداً غيره يقوم بالحملة الانتخابية، لأن الهزيمة فيها ستعتبر فشلاً شخصياً ينطوى على تهديدات كبرى لمستقبله السياسى، فهى المدينة التى منها انطلق سياسياً، والكل يعرف أن «أردوغان» هو الرئيس الفعلى للبلدية، حتى إنه بدأ مشواره السياسى من المدينة التى يسكنها 15 مليون نسمة، بحملته الانتخابية، التى رأسها أردوغان عام 1994. وفى مواجهة مشاريع رئيس الوزراء التى يعتبرها كثيرون «متهورة» مثل مشروع شق قناة موازية للبوسفور، يعرض مصطفى ساريغول مرشح حزب الشعب المعارض رؤية «عقلانية» للمدينة. ولا يتردد فى تذكير الناخبين بذكرى حركة الاحتجاج الكبرى التى انطلقت من حديقة جيزى، وأدت إلى زعزعة السلطة فى يونيو 2013. و«ساريغول» ليس الوحيد الذى يسعى لاستغلال انتفاضة الربيع الماضى، التى ضربت شعبية «أردوغان» وحزبه فى مقتل، إذ قام منافسه فى الحزب الديمقراطى الشعبى سيرى أوندر بالمثل، وقال: «نحن من يحمل روح جيزى»، مضيفاً: «الأحزاب التقليدية متشابهة كلها، لا تحترم البيئة ولا تمثل النساء، ويخدعون الجميع فى الفساد». ويقول الخبير «جنكيز أكتار» من جامعة سابانجى الخاصة فى إسطنبول: إن «إسطنبول أكثر من رمز، إنها عصب نظام أردوغان»، مضيفاً: «إذا خسر المدينة فسيُشكل الأمر كارثة بالنسبة له، لأن كل الرهانات موجودة هنا». لكن أنقرةوإسطنبول لم تحملا الخير لرئيس الوزراء قبل يوم واحد من الانتخابات، حيث تقدم 4000 عضو باستقالات جماعية من الحزب الحاكم فى بلدة «جولباشى» فى أنقرة، وانضموا إلى حزب الحركة القومية. وذكرت صحيفة «راديكال» التركية، أمس الأول، أن 4000 آخرين تقدموا باستقالات جماعية من الحزب الحاكم فى بلدة «آسن يورت» بوسط إسطنبول وانضموا إلى صفوف حزب الشعب الجمهورى. معركة انتخابية كبيرة أخرى ستجرى فصولها فى مدينة «أزمير» معقل حزب «الشعب الجمهورى» المعارض، ففى أكثر من مرة توجه مسئولو الحزب الحاكم مباشرة إلى الناخبين، وقالوا لهم: «جرّبوا العدالة والتنمية ولو لمرة واحدة فى أزمير».