"الحياة برستيج" جملة وقعت على مسامعي كثيرا من عدة أشخاص وفي كل مرة تقع فيها على مسامعي تخرق أذنيّ، تصيبني بالهلع والاستفزاز والعجز أحيانا عن التفكير وعدم القدرة على فهم عقليات ونفوس بعض البشر!، وغيرها من المشاعر المجهولة التوصيف والتي تدفعني دائما وبقوة للتساؤل "يعني إيه برستيج"؟! وهل يمكن اختزال معنى الحياة بأكملها في كلمة "برستيج"؟! لماذا يبحث البعض دوما عما يُسمى ب"البرستيج"؟ هل هو جزء بالفعل لا يتجزأ من الشخصية وأسلوب حياة أم هو "وش بلاستيك" يتم ارتداؤه أمام الناس وخلعه مع النفس.. فيكون مجرد ستار براق جذاب نتخفي وراءه لإخفاء عيوبنا ونقاط ضعفنا، أم هو رفض لحقيقتنا وواقعنا وأحيانا قد يكون رفضا لماضينا ؟ هل هو وسيلة أم هدف؟ هل هو الفانوس السحري الجاذب للبشر من حولنا ويضمن وجودهم وبذلك نضمن عدم الوقوع في براثن الوحدة؟ أم هو الجاذب للمزيد من متاع الدنيا والضامن لتحقيق الأهداف والنجاحات؟ هل بفضله تزيد الثقة بالنفس أم الثقة بالنفس جزء من تكوينه؟ ولو اتفقنا بشكل مبدئي أنه شيء هام في حياة البعض فكيف يُقاس وما هي معاييره؟ وكيف يمكن أن نحكم أن فلانا صاحب "برستيج" وعلانا يفتقده؟ الأهم من كل ذلك فيما يتمثل "البرستيج"؟ بنكتسبه أم نصنعه ولا "بنورثه مع ميراث جدو الباشا"؟! هل هو مقدار ممتلكاتنا في الدنيا؟ هل هو التباهي بالمسكن الفاخر أم السيارة الفارهة؟ هل هو عملك ومهنتك أم الجاه والمكانة الاجتماعية واتكال الشخص على اسم عائلته؟ هل هو الخلقة الحسنة التي وهبها الله لنا ولا فضل لنا فيها؟ أم تعليمك الراقي؟ هل هو حفظك وترديدك لبعض المصطلحات الدالة على ثقافتك أم إقحامك لبعض الكلمات الأجنبية في حديثك؟ قد يكون "البرستيج" بالفعل كل ما سبق وغيرها من الأشياء ولكنها فانية، وحتما يمكن أن يكون أيضا أشياء أخرى منسية وساقطة من ذاكرة الكثير من البشر لكنها باقية.. فقد يكون الهيبة والاحترام، وقد يكون السيرة الحسنة والسمعة الطيبة وغيرها كثير من المعاني غير الملموسة لكنها محسوسة وتترك دوما أثرا طيبا وخالدا في النفوس.. وكل منا له دوما حق الاختيار ما بين الفناء والبقاء.