محافظ بني سويف يتابع العمل بمشروع رأس المال والإنتاج بالمدارس الفنية    هدوء في مواقف الركاب بالأقصر.. وتوفر الوقود بجميع المحطات    وزيرة التنمية المحلية: "حياة كريمة" تمثل أضخم مبادرة تنموية تُنفذ على أرض مصر    مدبولي: الجانب الأكبر من زيارة محافظة المنيا سيخصص لمشروعات "حياة كريمة"    بعد استهداف منزل نتنياهو| أستاذ علوم سياسية: حزب الله بدأ مرحلة جديدة في المواجهة مع إسرائيل    «صحة غزة»: الجيش الإسرائيلي يحاصر مستشفى الإندونيسي ويقصفه في شمال القطاع    موعد مباراة الأهلي أمام سيراميكا بنصف نهائي بطولة السوبر المصري    موعد والقنوات الناقلة لمباراة يد الأهلي وفلاورز البنيني بنهائي بطولة أفريقيا    موعد مباراة ريال مدريد وسيلتا فيغو والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    تشكيل يوفنتوس المتوقع اليوم أمام لاتسيو في الدوري الإيطالي    إمام عاشور في الأهلي أفضل أم الزمالك؟ سيد عبد الحفيظ يُجيب    ضبط 3 طلاب تحرشوا بسيدة أجنبية بقصر النيل    «الداخلية»: تضبط 38 قضية لحائزي المخدرات والسلاح خلال حملات أمنية في 3 محافظات    بشرى لمحبي فصل الشتاء.. ارتدوا الملابس الخريفية    تنظيم ورشة حول التصميم المتكامل لشوارع 6 أكتوبر المرتبطة بالأتوبيس الترددي    سمير العصفورى: المسرح بخير l حوار    مرشد سياحي: الدولة تروج لتعامد الشمس في معبد أبو سمبل بشكل مثالي    الاحتلال يزعم اغتيال نائب قائد منطقة بنت جبيل في حزب الله    مصر تشدد على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة    وزير الصناعة يبحث مع اليونيدو الموقف الحالي لمشروعاتها بالسوق المصرية    ارتدوا الملابس الخريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    5 لاعبين أمام المحاكم.. ضرب إمام عاشور وسحر مؤمن زكريا الأبرز    ضبط 7 أطنان دقيق خلال حملات لمنع التلاعب في أسعار الخبز    «أمن المنافذ»: ضبط 2813 مخالفة مرورية وتنفيذ 291 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة    وزير الرياضة يتفقد مركز شباب ومعسكر شباب سفاجا    التضامن: خطوط الوزارة الساخنة تستقبل 225 ألف اتصال خلال سبتمبر    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة لمنطقة كفر طهرمس الأربعاء المقبل    رئيس مجلس الوزراء يتفقد قسم الحضانات بمستشفي سمالوط التخصصي بمحافظة المنيا    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    انطلاق رشقة من الصواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل    قبل إجراء القرعة.. كل ما تريد معرفته عن نظام الدوري المصري الجديد لموسم 2024-2025    بالصور- إقبال على حملة "انطلق" لقياس الذكاء وتقييم مهارات الأطفال بجنوب سيناء    مركز سقارة ينظم دورة للعاملين بالمحليات عن دورة "الخريطة الاستثمارية لمصر "غدا    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    وزير الرى: دراسة إنتاج خرائط هيدروطوبوغرافية حديثة لنهر النيل    جامعة الأقصر تنظم ندوة تثقيفية عن انتصارات أكتوبر    بشرة خير.. 5548 فرصة عمل جديدة فى 84 شركة ب11 محافظة    4 آلاف من أطباء الزمالة المصرية سجلوا لحضور النسخة الثانية من المؤتمر العالمي «PHDC'24»    «8 زلازال في 20 يومًا».. عباس شراقي يكشف أسباب الزلزال المتكررة في إثيوبيا وخطورتها    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    فرنسا تحث على دعوة أوكرانيا للانضمام إلى حلف "الناتو" فورا    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    لا داعي للأدوية.. وصفات طبيعية كالسحر تخلصك من الإمساك في 30 دقيقة    تجمع «بريكس» يدعم إنشاء تحالف للطاقة النووية    بعد ارتفاعه.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 19 أكتوبر 2024    توقعات أسعار الذهب عالميا.. هل يكسر حاجز ال3000 دولار للأوقية؟    المخرجة شيرين عادل: مسلسل تيتا زوزو مكتوب بمصداقية ويناقش مشكلات حقيقية    كيف تطور عمر مرموش مع آينتراخت فرانكفورت؟.. المدير الرياضي للنادي الألماني يوضح    اللواء نصر موسى يحكي تفاصيل ساعة الصفر في حرب أكتوبر    بوتين يؤكد «بريكس» لم تنشأ ضد أي اتحاد.. وتعمل انطلاقا من القيم المشتركة بين أعضائها    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    حضور كبير في حفل تامر عاشور بمهرجان الموسيقى العربية.. كامل العدد    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    منتج عمر أفندى يكشف حقيقة وجود جزء ثان من المسلسل    عالم أزهري: الإسلام تصدى لظاهرة التنمر في الكتاب والسنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.نبيل فاروق يكتب.. المنكر.. والأشدّ إنكارا
نشر في بص وطل يوم 15 - 07 - 2012

"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".. عبارة صرنا نسمعها كثيرا من بعض مَن يروْن الدين بنظرة متشددة سوداء، ومَن يتصوّرون أنها دعوة إلى العنف وإلى فرض الأخلاقيات بالقوة..
ففجأة.. وفي الآونة الأخيرة ظهرت في المجتمع فئة تصوّرت أن وصول رئيس إخواني إلى السلطة يعني أنهم قد صاروا جميعا في موضع السلطة..
فئة قرّرت أن تتحدّى كل شيء، وتتحوّل إلى جماعة تفرض السطوة بالسلاح والعنف.. والأسوأ أنها تفعل هذا باسم الدين..
وقبل أن نناقش فكر تلك الجماعة شديدة التطرّف، دعونا نطرح مجموعة من الأسئلة الأولية الواجب معرفة إجاباتها على نحو عملي وواقعي:
إنهم يريدون فرض المعروف..
والنهي عن المنكر..
فما هو المعروف؟!
وما هو المنكر؟!
"المعروف" في كل قواميس اللغة العربية هو ما تعارف عليه الناس واتفقوا عليه واعتادوه في حياتهم اليومية..
ولأنهم جميعا يعرفونه صار يستحقّ حرفي الألف واللام..
وصار "المعروف"..
و"المنكر" هو ما ينكره الكل على نحو عام، وليس ما تنكره فئة وحيدة دون غيرها..
ولأن الجميع ينكره صار يعرف ب"المنكر"..
الخطوة الأولى إذن هي أن نتفق على ما هو "المعروف"، وما هو "المنكر"..
الخطوة الثانية هو ترتيب المنكرات من الأقل إلى الأكثر إنكارا..
ففي السويس رأى بعضهم أن سير شاب مع فتاة أمر منكر؛ فقتلوا الشاب..
لقد رأوا إذن أن سير شاب مع فتاة أمر منكر، ولكن قتل النفس التي حرّم الله قتلها ليس منكرا..
وهذا يعني وجود خلل في المفاهيم الأساسية؛ فالنهي عن المنكر لا يبيح ارتكاب فعل أشدّ إنكارا..
هذا من منطلق القول الشهير بأن "الطريق إلى الجحيم مفروش دوما بالنوايا الطيبة"..
وهذه لعبة الشيطان..
أكبر لعبة يلعبها الشيطان على نفوس البشر..
والشيطان له وسائل شديدة: الخبث والتحايل لخداع النفوس البشرية..
الشيطان لا يدعوك أبدا لارتكاب المعصية..
إنه -فقط- يُزيّنها لك..
ولهذا قيل: إن الشيطان يُزيّن لهم أعمالهم..
الشيطان أخبث من أن يدعوك إلى الخطأ على نحو مباشر..
إنه يجعلك تتصوّر أنك تسير في طريق الحق، في حين أنه يدفعك دفعا إلى طريقه هو، ويقود روحك إلى النار، وأنت تتصوّر أنك تشقّ طريقك إلى الجنة..
وهناك قصة قديمة -ربما سمعها بعضنا أو قرأها- ولكن القليلين منّا استوعبوها وفهموها وأخذوا العبرة والحكمة منها..
قصة تقول: إن الشيطان زار عابدا ناسكا، وطلب منه أن يرتكب خطيئة من ثلاث، حتى يتركه على قيد الحياة..
لقد أتى له بامرأة جميلة وطفل صغير بريء وزجاجة خمر، ثم طلب منه أن يختار إمّا أن يزني بالمرأة.. أو يقتل الطفل.. أو يشرب الخمر..
واختار الناسك ما بدا له أنه أقل الخطايا..
اختار أن يشرب الخمر..
وشرب الناسك الخمر..
ودار رأسه سكرا، وزيّن له الشيطان جمال المرأة، وأطار الخمر صوابه..
وزنى الناسك بالمرأة..
ولما كان الطفل بريئا طاهرا؛ فقد اعترض على ما يحدث وحاول منعه من هذا..
ولكن الخمر كانت تعربد في رأس الناسك..
فقتل الطفل، حتى يخلوا له الحال مع المرأة..
وابتسم الشيطان بكل خبثه..
فالناسك اختار ما بدا له أنه أخف معصية..
فارتكب كل المعاصي..
هكذا الشيطان..
وهكذا خبثه..
لقد كان يعلم منذ البداية أن الناسك سيختار الخمر..
وكان يعلم ما سينتهي إليه الأمر..
وخدع الناسك العابد..
وحقّق هدفه..
القصة قد لا تكون لها أي أساس من الحقيقة، ولكنها تحمل في كلماتها وطيّاتها حكمة كبيرة للغاية..
حكمة كان ينبغي أن نتعلّم منها كيف هو خبث الشيطان؛ فقتلة شاب السويس..
تصوّروا أنهم خرجوا يمنعون معصية؛ فانتهى بهم الحال إلى أنهم قد ارتكبوا ذنبا كبيرا؛ فالشاب القتيل لن يضيع حقه أبدا..
لا في الدنيا..
ولا في الآخرة..
فمن قتلوا سيكون عليهم أن يقفوا أمام الله سبحانه وتعالى في الآخرة؛ ليُفسّروا له كيف أنهم عصوه، بعد أن أمرهم بأن يدعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة؟!
وكيف أنهم -ولكي يمنعوا معصية- ارتكبوا معصية أكبر منها بكثير..
ومهما فعلوا أو فسّروا أو حتى كذبوا على أنفسهم في الدنيا، وأقنعوا أنفسهم بأنهم يفعلون هذا غيرة على الدين؛ فلن يمكنهم أن يكذبوا على الخالق عز وجل في الآخرة..
لن يمكنهم أن يبرروا كل تلك الكراهية التي تملأ نفوسهم..
لن يمكنهم أن يشرحوا كيف أرادوا إرهاب الناس باسم الدين..
لن يستطيعوا أن يفسّروا كيف كانوا أفظاظا غلاظ القلب، فانفضّ الناس من حولهم..
إنهم في الدنيا يفرغون حقدهم وغلّهم وكراهيتهم باسم الدين..
ويخالفون ما أمر به الدين..
ثم ينتظرون مكافأة من رب الدين عز وجل..
فكيف؟!
كيف؟!
ألم يقرأوا حرفا واحدا من تاريخ الدين الذي يدّعون أنهم يفعلون كل هذا في سبيل رفعته؟!
هل وجدوا في تاريخه كله محاولة إجبار واحدة لشخص واحد على اتّباع دين الله سبحانه وتعالى؟!
هل رأوا في تاريخ الدين كله حادثة واحدة قتل فيها شخصا؛ لإجباره على اتباع دين الخالق المعز المذل المنتقم الجبار؟!
ما الذي يتبعونه إذن؟!
الله خالق الكون العزيز القهار الذي أمر بأن تكون الدعوة إلى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة؟!
أم الشيطان الذي يدعو إلى الحقد والغل والكراهية والعنف؟!
حذار.. حذار.. حذار ألف مرة..
الطريق إلى الجحيم مفروش دوما بالنوايا الطيبة..
والفارق بين الجحيم والجنة ليس في النوايا..
بل في الإرادة..
وفي العقل..
وفي التدبير..
ولهذا اختصّ الله سبحانه وتعالى أولي الألباب والقوم الذين يتفكّرون ويعقلون؛ ليوجّه إليهم آياته الكريمة..
القتل ليس ما يدعو إليه الخالق عز وجل..
والمعصية الكبرى لا تبرّر محاولة منع المعصية الصغرى..
والدين من أمثال قتلة شاب السويس بريء؛ لأنه دين الله المعز المذل..
الله الرحمن.. الرحيم..
يا مَن تعقلون،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.