تحتفل العاصمة العراقية، بغداد، بختام فعاليات مهرجان «بغداد عاصمة الثقافة العربية»، بحضور مثقفين وفنانين عرب، ومشاركة كبيرة من الفنانين والكتاب والصحفيين المصريين، على المستوى الشعبى، وتمثيل مصرى رسمى ضعيف، اقتصر على الدكتور عبدالناصر حسن، رئيس هيئة دار الكتب والوثائق المصرية. ولم يغب المشهد السياسى فى مصر والدول العربية عن الاحتفالات، التى أقامتها وزارة الثقافة العراقية فى قاعة المسرح الوطنى، الذى يبعد أمتارا قليلة عن ساحة «الفردوس»، الأشهر فى بغداد، التى أسقطت منها القوات الأمريكية تمثال صدام حسين فى مشهد شهير. ورغم العروض الموسيقية والتراثية التى شهدتها الفعاليات، فإن محاربة الإرهاب والتطرف، كانت أبرز العبارات التى ترددت فى قاعة المسرح الوطنى العراقى، سواء من المشاركين العراقيين أو المصريين، وبدت روسيا كلمة السر فى الحرب على الإرهاب، بعد اتهام الولاياتالمتحدة بتشجيع المتطرفين فى مصر وسورياوالعراق على حد سواء. وفى هذا السياق، بحث رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى، فى بغداد مع وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف التعاون الثنائى فى مكافحة الإرهاب، حيث طلب العراق من روسيا أسلحة خاصة بمحاربة الجماعات الإرهابية وملاحقتها وتبادل المعلومات الأمنية حولها. من ناحيته، أكد هادى جلو مرعى، رئيس مركز القرار السياسى للدراسات، ل«الوطن» أن تعاون مصر والعراق فى محاربة الإرهاب أصبح أمرا حتميا، خاصة بعد التطورات الأخيرة فى مصر، مشيراً إلى أن مصر كانت أول من قدم الضحايا فى الإرهاب بمقتل سفيرها فى العراق إيهاب الشريف بعد الغزو الأمريكى على يد المتطرفين. معتبراً أن تنظيم الدولة الإسلامية فى ليبيا ومصر «دالم»، المؤسس على غرار تنظيم قيادة «داعش» فى العراق والشام، جعل عدو البلدين واحدا ووضع المصريين والعراقيين فى جبهة واحدة ضد الإرهاب، مشيراً إلى أن من أهم أشكال التعاون المعلومات الأمنية وتبادل القوات والتدريب، خاصة أن الجيش والمخابرات المصرية قويان، والعراق يحتاج هذه الخبرات. وأكد رئيس مركز القرار السياسى فى بغداد أن الظروف الدولية التى جعلت مصر تتجه نحو روسيا، هى نفس الظروف التى دفعت العراق بنفس الاتجاه؛ فالبلدان اعتمدا على روسيا نتيجة تصرف الولاياتالمتحدة بطريقة حمقاء، وتماهى الإدارة الأمريكية مع بعض الدول، مثل تركيا وقطر، التى ترفض التغييرات فى مصر، ودعمت الجماعات المتطرفة والإرهابية فى المنطقة. وتابع: «قبل يومين كان هنا وزير الخارجية الروسى واتفق على إمداد العراق بنفس الصفقة تقريباً التى ستحصل عليها مصر من السلاح الروسى، ولنفس الغرض وهو محاربة الإرهاب. ولذلك الولاياتالمتحدة تحاول التعامل مع المشير عبدالفتاح السيسى كما تعاملت مع عبدالناصر، ولكنهم أدركوا أن المصريين لن يتخلوا عن كرامتهم». من جهة أخرى، أكد مهند الدليمى، وكيل وزارة الثقافة العراقية، فى كلمته ضمن فعاليات المهرجان أن «قدر العراق أن تنزف دما وتثبت للعالم أنها تخوض معركة طويلة مع الإرهاب»، مشيراً إلى أن بلاده ستحتفل قريبا بهزيمة الإرهاب. وأشاد الدليمى بالحضور العربى المميز للمهرجان قائلا: «كانوا يراهنون على عزلة العراق، ولكن مشاركة المثقفين والمبدعين العرب دليل على دعم العراق فى تلك الفترة الصعبة»، موضحاً أن العراق على الرغم من الأحداث الإرهابية، فإنه نظم أكثر من 1000 فعالية ثقافية وفنية خلال هذا العام، أنفقت عليها الوزارة نحو 500 مليون دولار. وتشارك الجامعة العربية فى ختام فعاليات مهرجان بغداد عاصمة الثقافة العربية، حيث يرأس السفير أحمد بن حلى نائب الأمين العام، وفد الجامعة. وقال قيس العزاوى، مندوب العراق بجامعة الدول العربية، ل«الوطن»: «الاحتفالات بعودة بغداد بوجهها العربى والإسلامى وهويتها الأصيلة، يتزامن أيضاً مع عودة مصر لهويتها، بعدما حاول الإخوان طمس هويتها المعتدلة والمتفتحة، ونحن كنا ننتظر عودة مصر لأنها هى الدولة التى عليها مسئولية قيادة الأمة العربية». واعتبر «العزاوى» أن صعود التطرف فى بعض الدول العربية، أصبح يؤذى الجميع ويعبر حدود الدول التى بها توترات، مثلما حدث فى سوريا وسيطر المتطرفون على ثورة الشعب السورى، وهم يفعلون ذلك فى العراق أيضاً. وأعلن أن القمة العربية المقبلة سيكون على رأس أولوياتها موضوع محاربة الإرهاب فى الدول العربية. من جانبه، اعتبر الناشط الحقوقى محمد عبدالحسين البديرى، أن كل ما يدور فى العراق اليوم، خاصة إعلان الزعيم الشيعى البارز مقتدى الصدر انسحابه من الحياة السياسية، يرتبط بالانتخابات المقبلة ونتائجها، وأضاف ل«الوطن»: «الجميع يتساءل إلى أين يذهب العراق بعد الانتخابات؟ ويبدو المستقبل مجهولا، كما أن انسحاب التيار الصدرى سبب أزمة، نتيجة قوته بالشارع العراقى، وانسحابه ناتج من عدم ثقته بنزاهة الحياة السياسية فى العراق، وهذا ظهر فى بيان الزعيم الشيعى مقتدى الصدر، الذى قال إن كل من يعارض الحكومة أصبح يعتبر إرهابيا ويعتقل، واتهم القضاء بأنه مسيس». ورداً على سؤال حول وجود تيار سياسى يتبنى فكر صدام حسين، قال: «يوجد من يترحمون الآن على أيام صدام بسبب غياب العنصر الأمنى، وانخفاض الدخل، ولكن لا يوجد تيار سياسى متبلور يعبر عن هؤلاء».