لمدة لم تتجاوز الشهرين، اختفى الرئيس المخلوع عن الأنظار فى مدينة شرم الشيخ بعد تخليه عن منصبه، وتحديداً فى منتجع «ماريتيم جولى فيل»، المملوك لصديقه حسين سالم، الذى أهداه ونجليه ثلاث فيلات، معزولة بأسوار شاهقة الارتفاع عن باقى بنايات المنتجع، الدخول إليها عبر طريق مخصص لهم فقط. أثناء إقامة «مبارك» مع عائلته فى شرم الشيخ، قام بتسجيل كلمة وجهها إلى الشعب المصرى، وبثتها قناة «العربية» ظهر يوم 10 أبريل 2011، أكد فيها تعرضه لما سماه «حملة تشهير ظالمة، تشكك فى نزاهته وذمته المالية هو وأسرته»، لتأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، عندما يصدر النائب العام، بعد إذاعة الكلمة بدقائق، قراراً باستدعاء «مبارك» ونجليه للتحقيق معهم فى عدد كبير من الاتهامات. بعد قرار النائب العام نقل «مبارك» لمستشفى شرم الشيخ الدولى فى 12 أبريل من نفس العام أثناء التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة، إثر تعرضه لأزمة قلبية، كما تم الإعلان وقتها، وهو المستشفى الذى ظل «مبارك» مقيما فيه حتى 3 أغسطس من نفس العام، حينما انتقل للقاهرة ليحضر أولى جلسات محاكمته، ليصبح المستشفى الذى قضى به «مبارك» 4 أشهر تقريباً مقر إقامته الثانى بعد الإطاحة به من منصب رئيس الجمهورية، وكانت ترافقه وقتها زوجته، سوزان مبارك. فى مستشفى شرم الشيخ، أصدرت النيابة العامة أول قرار بحبس «مبارك» احتياطيا لمدة 15 يوماً فى ختام أولى جلسات التحقيق معه يوم 13 أبريل، وقررت النيابة أن يتم تنفيذ قرار الحبس الاحتياطى بالمستشفى، لحين توقيع الطب الشرعى الكشف على «مبارك»، وفى 22 أبريل من نفس العام، أصدرت النيابة العامة قراراً آخر بتجديد حبس «مبارك» احتياطياً على ذمة التحقيقات لمدة 15 يوماً آخر، وللمرة الثالثة تأمر النيابة فى 10 مايو 2011 بتجديد الحبس الاحتياطى ل«مبارك» أثناء حجزه فى المستشفى. من مستشفى شرم الشيخ الدولى، إلى المركز الطبى العالمى التابع للقوات المسلحة، الذى يقع على طريق مصر - الإسماعيلية الصحراوى، انتقل «مبارك» بعد انتهاء أولى جلسات محاكمته فى 3 أغسطس 2011، طبقاً لقرار المحكمة الصادر فى ختام الجلسة، حتى يكون قريباً من مقر محاكمته فى أكاديمية الشرطة بالتجمع الخامس، ليقضى «مبارك» داخل الجناح الرئاسى بالمركز الطبى العالمى أكثر من 9 شهور، فيما يمكن تسميته «محل الإقامة الثالث» بعد الإطاحة به من سدة الحكم. وتنفيذاً لقرار النيابة العامة، الصادر فى 2 يونيو 2012، وعقب الحكم على «مبارك» فى قضية قتل المتظاهرين بالسجن المؤبد، تم تجهيز مستشفى سجن مزرعة طرة ليصبح مقر الإقامة الرابع للرئيس المخلوع، ولم يستمر فيه «مبارك» طويلاً؛ فبعد أقل من 20 يوماً، بالتحديد فى 19 يونيو، قيل إن «مبارك» مات إكلينيكياً، وتم نقله لمستشفى المعادى العسكرى كمقر إقامة خامس، ووسط أخبار كثيرة متضاربة حول صحته، ظل «مبارك» تحت العناية الطبية المكثفة داخل المستشفى العسكرى، حتى يوم 16 يوليو 2012، حينما صدر قرار النائب العام بنقله إلى مستشفى سجن مزرعة طرة، بعد تحسّن حالته الصحية واستقرارها، وفى ديسمبر من نفس العام، عاد «مبارك» مرة أخرى لمستشفى المعادى لإجراء أشعة مقطعية على جسده، عقب تعرضه للسقوط داخل دورة مياه المستشفى، وهو ما أدى لإصابته بكسر فى الضلوع وكدمة بالرأس، نتجت عنهما تجمعات دموية. من مستشفى المعادى إلى مستشفى سجن مزرعة طرة مرة أخرى، عاد «مبارك» بعد إجرائه الأشعة المقطعية، ولم يلبث أن عاد مرة أخرى لمستشفى المعادى العسكرى فى 27 ديسمبر 2012، بقرار من النائب العام لتلقى العلاج، بعد إخضاعه للكشف الطبى من قِبَل لجنة طبية تم تشكيلها بناء على قرار النائب العام، ولمدة تقرب من 112 يوماً ظل «مبارك» فى مستشفى المعادى العسكرى حتى 18 أبريل 2013، حينما صدر قرار من النائب العام بنقل «مبارك» إلى سجن مزرعة طرة بعد أن ظهر مبتسماً وملوحاً للمحامين فى إحدى جلسات محاكمته بقتل المتظاهرين. فى نفس الشهر، عاد «مبارك» إلى سجن مزرعة طرة، ليظل به حتى تم إخلاء سيبله، نهاية أغسطس الماضى، لينتقل بعدها إلى مستشفى المعادى العسكرى، تاركاً مستشفى السجن، وتردد وقتها أن «مبارك» طلب البقاء داخل المستشفى رغم إخلاء سبيله، حتى لا يكلف الدولة عبء توفير حراسة خاصة له. ليصبح بذلك أشهر سجين تم حبسه احتياطياً، وحصل على أحكام بالإدانة دون أن يقضى يوماً واحداً فى أى زنزانة داخل أى سجن.