تستأنف المحادثات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران اليوم، للبحث في مسألة حساسة، متعلقة بشق عسكري محتمل في برنامجها النووي، وكذلك في تدابير ملموسة لتحسين الشفافية. ويأتي اللقاء، الذي يستمر يوما واحدا، في إطار خارطة طريق وضعت في نوفمبر الماضي بين الوكالة وإيران، وتتضمن ست مراحل على إيران تنفيذها، قبل 11 فبراير الجاري، ومنها زيارة خبراء من الوكالة إلى مصنع إنتاج المياه الثقيلة، في أراك. وفي مرحلة ثانية، يفترض أن تتناول المحادثات مسائل أصعب، كما نبه مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، من دون توضيح ما إذا كانت الشروط المطلوبة، قد استوفيت جميعها. وأكد المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي، أول أمس، أن "مدى التعاون المقبل، سيتقرر وفقا للتقييم، الذي ستجريه الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتدابير المتخذة، خلال هذه الأشهر الثلاثة الأولى"، وفق تصريحات، أوردتها وكالة الأنباء الطلابية إيسنا. وعبر كمالوندي أيضا عن أمله في أن "تتبدد شكوك الوكالة، وأن تستمر المحادثات مدة أطول، في حال تحقيق تقدم كبير". وسيلتقي فريق الوكالة الدولية، الذي يترأسه كبير المفتشين تيرو فاريورنتا، مسؤولين نوويين إيرانيين، على رأسهم السفير الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية رضا نجفي. وتعد خارطة الطريق، التي رسمت في نوفمبر الماضي، بعد سنتين من المفاوضات متميزة عن الاتفاق التاريخي، الذي أبرم بعد ذلك، بين إيران ومجموعة الدول الست المعروفة ب5+1 (الولاياتالمتحدة، الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا وألمانيا). وفي إطار خارطة الطريق هذه، زار مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الثامن من ديسمبر الماضي، مصنع أراك لإنتاج المياه الثقيلة، الذي يشكل إحدى نقاط التعثر في المفاوضات النووية بين إيران والقوى العظمى. فهذا الموقع، يمكن نظريا أن يوفر لإيران مادة البلوتونيوم ، التي من شأنها أن تقدم بديلا عن تخصيب اليورانيوم لصنع قنبلة ذرية. وردا على هذه المخاوف، أكد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، الأسبوع الماضي، أن:"إيران مستعدة للقيام ببعض التعديلات، في الخطط (المفاعل)، لإنتاج كميات أقل من البلوتونيوم"، مكررا في الوقت نفسه أن موقع أراك مفاعل مخصص للأبحاث. وكانت الأنشطة النووية الإيرانية، في صلب المخاوف الدولية في السنوات العشر الأخيرة، إذ أن بعض الدول الغربية وإسرائيل، تخشى أن يخفي البرنامج النووي الإيراني شقا عسكريا، رغم نفي طهران المتكرر لهذا الأمر. وتسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية الآن، لمعرفة ما إذا كانت إيران سعت أم لا لاقتناء القنبلة الذرية، قبل عام 2033، أو حتى بعد ذلك. وبعد اتخاذ أولى التدابير العملية، أكد مدير الوكالة أمانو في يناير الماضي: "حان الوقت الآن، لبحث هذه المسألة الحساسة بدرجة عالية"، وقال: "بدأنا بتدابير عملية وسهلة التنفيذ، ثم سننتقل إلى أمور أصعب"، مضيفا: "نتمنى بالتأكيد إدراج المسائل المتعلقة بالبعد العسكري المحتمل، في المراحل المقبلة". وأكد أن "مدة المرحلة الجديدة تتوقف كثيرا على إيران، ذلك يتوقف فعلا على تعاونها". وتأخذ الوكالة الدولية للطاقة الذرية من سنوات عديدة على طهران، عدم تعاونها بشكل كاف، ما يبقي برأيها الشكوك بشأن المآرب، التي تخفيها وراء برنامجها النووي، وهي تعبر بانتظام عن أسفها لعدم تمكن مفتشيها من زيارة قاعدة بارشين العسكرية الإيرانية، التي يشتبه بأنها تضم تجارب نووية. وتجري المحادثات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في موازاة أخرى تجريها مع القوى العظمى، وأدت في نوفمبر الماضي، إلى إبرام (اتفاق جنيف)، الذي علقت طهران بموجبه أنشطتها النووية الأخرى، مقابل رفع جزء من العقوبات الغربية. ويلعب تعاون إيران بشأن مطالب الوكالة، دورا أساسيا في هذه المفاوضات الأخيرة، خصوصا وأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مكلفة بالإشراف على التدابير المتخذة بموجب (اتفاق جنيف).