أربع فتيات تحدين الصعاب وحاربن الأمية والجهل وتغلبن علي تقاليد الصعيد التي تقف ضد تعليم البنات أو الخروج من البيوت، ورغم أن قطار التعليم فات محطة عمرهن، إلا أن كل واحدة منهن جرت وراءه ولحقت به من خلال فصول محو الأمية في قراهن بمركز البلينا جنوبسوهاج، وتدرجن في المراحل التعليمية، ونجحن في حجز مقعد متميز بذلك القطار لدرجة أن بعضهن حصل علي الماجستير، ولا تقتصر قصة النجاح علي ذلك، حيث قامت كل واحدة من تلك الأقمار الأربع المضيئة، بمحاربة الجهل ونشر نور »العلام» بين البنات في قريتها وتطوعت بفتح فصول محو الأمية في بيتها. ربما تكون القصص متشابهة في البدايات، حيث منعت التقاليد كل واحدة منهن من دخول المدرسة أو »فك الخط»، وهكذا كان حال نورا موسي محمد من نجع المعيصرة قرية برديس، فقد حرمها والدها المزارع من التعليم رغم أنها أكبر إخوتها والبنت الوحيدة في الأسرة الذين التحقوا كلهم بالمدرسة وحصلوا علي بكالوريوس التجارة وليسانس الحقوق ودبلوم التجارة فيما لازال الأصغر بالمدرسة، ولما بلغ عمرها 11 عاما قامت هيئة محو الأمية بافتتاح فصل لتعليم الكبار في القرية في عام 2001، وتقول نورا: »طلبت من والدي الالتحاق بالفصل فوافق لقربه من بيتنا، ولأن المدرسة تبعد عن بيتنا حوالي 3 كيلومترات سببا أساسيا في منعي منها»، وحصلت الفتاة علي شهادة محو الأمية، وعندما رأي والدي تفوقها شجعها علي استكمال التعليم بالمدرسة لتحصل علي الثانوية العامة بمجموع 84% وتخرجت في كلية الآداب قسم الفلسفة، ثم قام محمد الدالي مدير عام محو الأمية في البلينا بدعم مشروعها في فتح فصلين لتعليم الكبار في بيتها، ونجحت في محو أمية عدد كبير من كبار السن من الجيران وأبناء النجع، كما واصلت دراساتها وحصلت علي دبلومة الدراسات العليا وتدرس الآن تمهيدي ماجستير بقسم الفلسفة وتقول لنا: »أتمني أن أحصل علي الدكتوراه قريبا وقد عاهدت الله أن أستمر في محو أمية أبناء قريتي». بطلة القصة الثانية هي بسمة إسماعيل ضاحي من قرية برديس وتقول لنا إن والدها حرمها هي الأخري من التعليم بسبب ظروفهم الصعبة، وتتذكر كم كانت تبكي في وجه أهلها وهي تري أقرانها يذهبون إلي المدرسة صباح كل يوم، وعندما جاء يوم وعمرها 10 سنوات سمعت بفتح فصل لمحو الأمية بالقرية، طلبت من والدها الالتحاق به، ولكن ضياع شهادة الميلاد منعها من دخول الامتحان حتي بلغ عمرها 14 عاما، لتحصل بمجرد استخراج شهادة »الميلاد» علي شهادة» محو الأمية» والتحقت بالمدرسة الإعدادية منازل حتي حصلت علي الثانوية العامة بمجموع 78% والتحقت بكلية دار العلوم جامعة المنيا وتقول: »وفقني الله خلال مشواري مع التعليم في حفظ القران الكريم كاملا بالاحكام، كما افتتحت ببيتها فصلا لمحو أمية الكبار، وتؤكد لنا أنها لم تحصل علي أي درس خصوصي في كل مراحل التعليم، وهي الآن في أولي مراحل تحقيق حلمها للحصول علي الماجستير والدكتوراه. وتروي أسماء ذكار حسب الله دياب قصتها مع الأمية وتقول إنها صغري ثمانية أبناء لأسرة من قرية يعقوب تضم خمس بنات، وتسمح بالتعليم للذكور فقط، وعندما علمت بفتح فصل لمحو الأمية في القرية، قامت بمحاولات متعددة لإقناع والدها بالالتحاق به، ووافق بعدها علي مضض بدخولها هي وأخت لها، رغم ان والدها لم يستخرج لها شهادة الميلاد، وتقول: حصلت بحمدالله علي شهادة محو الأمية ثم الثانوية الصناعية ثم المعهد العالي للكمبيوتر وأدرس حاليا بالدراسات العليا بجامعة سوهاج ولي شقيقي الأكبر يعمل أستاذا بكلية الزراعة جامعة الزقازيق». وصاحبة القصة الرابعة هي حديث محافظة سوهاج بأكملها، وهي مايزة أحمد شيبة من نجع زيد الذي يبعد عن قرية الغنيمية 3 كيلومترات ولا توجد فيه أي مدرسة، كما أن نسبة الأمية في النجع تسجل أعلي نسبة في المحافظة بسبب حرمان البنات من التعليم في كل عائلات النجع، وتقول لنا »مايزة»: رغم أن والدي محفظ للقرآن الكريم إلا أنه رفض تعليمي أنا وإخوتي البنات الثلاث بسبب بعد المدرسة ورفض والدي الشديد ووافق علي تعليمي عندما تم فتح فصل لمحو الأمية في النجع، وأعتقد أنني سأكتفي بمعرفة القراءة والكتابة، ولكني واصلت التعليم حتي حصلت علي دبلوم التجارة، وتشير إلي أن والدتها ساعدتها كثيرا في مشوار التعليم ولما رفض الدها استمرارها في التعليم الجامعي استغاضت عنه بحفظ القران الكريم، وتقول لنا: شجعني مدير محو الأمية أشرف حلمي خفاجي علي فتح فصول لمحو الأمية وتعليم الكبار ووافق محمد الدالي مدير عام الفرع بسوهاج علي دعمي بالادوات، وافتتحت بمفردي 4 فصول خلال عامين وخرجت العشرات من الدارسين ولم أكتف بمحو أميتهم ولكني أقوم بأخذهم إلي الهيئة بسوهاج لاستكمال تعليمهم الاعدادي والثانوي.