للمرة الثانية، يصوت أعضاء مجلس العموم البريطاني، اليوم، على الاتفاق الذي تفاوضت عليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي لتنظيم خروج انجلترا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس الجاري. ويأتي التصويت بعدما أجرت ماي محادثات أمس مع رئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي جان كلود يونكر في ستراسبورج، حيث أكدت عقبها أنها توصلت إلى تعديلات "ملزمة قانونا" على اتفاق الخروج. وأعلن نائبها ديفيد ليدينغتون أمام البرلمان أن تيريزا ماي "انتزعت تعديلات ملزمة قانونيا تقوي اتّفاق الانسحاب والإعلان السياسي وتحسّنهما"، فيما حضّ رئيس المفوضية الأوروبية النواب البريطانيين على تأييد اتفاق بريكست الذي تم إدخال ضمانات قانونية عليه حظيت بموافقة رئيسة الوزراء البريطانية. وتضمنت التسوية تعديلات تؤكد قدرة بريطانيا على الخروج مما يسمى بشبكة الأمان التي تضمن حدودا أيرلندية مفتوحة، فيما لا يزال من غير الواضح تحديدا ما إذا كان هذا التعديل يعني تأمين دعم كاف لاتفاق الخروج خلال التصويت الحيوي الذي سيجريه مجلس العموم البريطاني اليوم، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية، مشيرة إلى أنه في حال فشلت ماي في الحصول على دعم لخطتها خلال التصويت، فسيتم إجراء تصويتين آخرين يومي الأربعاء والخميس على ما إذا كان يتعين أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، أو ما إذا كان يتعين عليها تمديد المفاوضات وإرجاء الخروج. لم يكن ذلك هو التصويت الأول داخل مجلس العموم البريطاني، حيث إنه في 15 يناير الماضي، الذي شهد صفعة قوية لرئيسة الوزراء، بأن صوت بأغلبية ساحقة بالرفض حول اتفاق "بريكست"، بغالبية 432 صوتا مقابل 202 الاتفاق بشأن "بريكست"، الذي توصلت إليه ماي مع الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، قدم زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن مذكرة لحجب الثقة عن حكومة ماي، واصفا هزيمة الحكومة بأنها "كارثية" استنادا إلى نتيجة التصويت على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكنها نجت منها واستمرت في منصبها. بينما يرى السفير رخا حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن تصويت البرلمان البريطاني اليوم مجددا على الخطة، يعتبر دليلا على إصرار تيريزا ماي بالخروج من الاتحاد الأوروبي وتنفيذ خطتها، مشيرا إلى أن الخطة التي سيتم التصويت عليها اليوم ليست جديدة وإنما تضمنت تعديلات بصياغات لطمأنة المعترضين عليها فيما يخص البنود الخلافية، وخاصة جزء إيرلندا الشمالية. ورجح حسن، في تصريحه ل"الوطن"، أن يرفض البرلمان مجددا أيضا تلك الخطة، في حال عدم طلب ماي تأجيل التصويت، مضيفا أن ذلك سيطرح عدة سيناريوهات، أولهم تأجيل الخروج من الاتحاد الأوروبي وإجراء استفتاء على تلك الخطوة مجددا، أما الثاني فهو سحب الثقة من حكومة ماي وتشكيل أخرى جديدة من حزب المحافظين تتفاوض على "بريكست" مجددا. وأردف أن السيناريو الثالث هو ما ينادي إليه رئيس حزب العمال البريطاني بأن تظل بريطانيا في الاتحاد الجمركي لأوروبا دون حدود بينهم، موضحا أن احتمالية الرفض كبيرة كون خروج بريطانيا من الاتحاد سيسجل خسارة فادحة لإنجلترا، خاصة في ظل تراجع الجنيه الإسترليني بشدة كلما اقترب لموعد الانفصال. وأشار إلى أن احتمالية موافقة البرلمان على الخطة ضعيفة، ففي تلك الحالة، ستجري الأمور وفقا لما حددته ماي في خطتها بالانفصال في 29 مارس الجاري. جدير بالذكر، أنه في منتصف ديسمبر الماضي، أصدرت محكمة العدل حكما يسمح لبريطانيا بالتراجع عن قرارها، من دون الحصول على موافقة الدول الأعضاء، حيث تضمن حكمها أن "المملكة المتحدة لها حرية إلغاء الإخطار بعزمها الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، من جانب واحد"، مضيفة: "مثل هذا الانسحاب، الذي تقرر وفقا لمتطلباتها الدستورية الوطنية، سيكون له تأثير على بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي بموجب شروط لم تتغير من حيث وضعها كدولة عضو"، بحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس" . وتتضمن خطة تيريزا ماي، ذات ال600 صفحة، أطرا للتفاهم حول "اتفاق الانسحاب" و"الإعلان السياسي" الذي يحدد أطر العلاقات في مرحلة ما بعد "بريكست"، خصوصا على الصعيد التجاري، حيث يعتبر اتفاق الانسحاب خصوصا قضية الفاتورة التي يفترض أن تدفعها لندن للاتحاد الأوروبي بدون أرقام، وينص على حل مثير للجدل لتجنب العودة إلى حدود فعلية بين جمهورية إيرلندا ومقاطعة أيرلندا الشمالية البريطانية.