لإنهاء أزمة انقطاع الإنترنت.. توصيل 4000 خط تليفون جديد بالجيزة (تفاصيل)    وزراء سابقون وشخصيات عامة في عزاء رجل الأعمال عنان الجلالي - صور    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    عباس شراقي: المسئولون بإثيوبيا أكدوا أن ملء سد النهضة أصبح خارج المفاوضات    رئيس قضايا الدولة يُكرم أعضاء الهيئة الذين اكتمل عطاؤهم    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    نشرة التوك شو| تفاصيل تطوير جزيرة الوراق والري تنشئ مركزا للتنبؤ بالفيضان بجنوب السودان    شعبة السيارات تكشف عن كارثة بالمواني: الدنيا مكركبة والسيستم واقع ليه شهر ونصف (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. "التعليم" تعلن نتيجة الدور الأول للطلبة المصريين فى الخارج    خبير اقتصادي: لدينا كهرباء كافية للاحتياج.. وإغلاق المحلات لن يؤثر في الاستهلاك    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 27 يونيو 2024 في البنوك (التحديث الأخير)    أصحاب ورش باب الشعرية: إنتاجنا تراجع 40٪.. واضطررنا لتسريح عُمّال    «بشائر بإنتاج وفير».. الإسماعيلية تستعيد عرش المانجو    فشل التمرد في بوليفيا.. قوات الجيش تنسحب من القصر الرئاسي بأمر القائد الجديد    الرئيس البوليفي يعين قيادة عسكرية جديدة بعد محاولة الانقلاب    ملخص وأهداف مباراة جورجيا ضد البرتغال 2-0 فى يورو 2024    الدفاع السورية: استشهاد شخصين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلى للجولان    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لمدرسة تؤوي نازحين شرق خان يونس    إجراء جديد من جيش الاحتلال يزيد التوتر مع لبنان    يورو 2024| تعرف على ترتيب المنتخبات بعد نهاية دور المجموعات    أحمد عبد الغني: أرفض رحيل هداف حرس الحدود ل الأهلي أو الزمالك    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. الزمالك في ورطة والأهلي ينهي صفقة دفاعية وتركيا وجورجيا إلى ثمن نهائي يورو    مدافع الدحيل القطري على أعتاب الانضمام إلى الأهلي    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    مصرع طفل وإصابة شخصين في انهيار حائط بأسيوط    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    «نجار» يبتز سيدة «خليجية» بصور خارجة والأمن يضبطه (تفاصيل كاملة)    نجاة 43 أجنبيا ومصريًا بعد شحوط لنش فى «مرسى علم»    الوطنية للإعلام تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء فى جميع منشآتها    حظك اليوم| برج الجوزاء الخميس 27 يونيو.. «يومًا مفعمًا بالحيوية»    3 أبراج تتوافق مع «العذراء» على الصعيد العاطفي    آخرأعمال مصطفى درويش.. آروى جودة تروج لمسلسلها الجديد حرب نفسية    أبطال مسرحية «ملك والشاطر» يقرأون الفاتحة قبل دقائق من بداية العرض (فيديو)    على الهواء.. إيمي سمير غانم تغني لزوجها حسن الرداد «سلامتها أم حسن» (فيديو)    يورو 2024.. تركيا تخطف بطاقة التأهل لدور 16 بعد الفوز على التشيك    انتهت بالتصالح.. كواليس التحفظ على سعد الصغير بقسم العجوزة بسبب "باب"    السيطرة على حريق نشب داخل ورشة أخشاب في بولاق الدكرور    بينهم طفل وشاب سعودي.. مصرع 3 أشخاص غرقا في مطروح والساحل الشمالي    يورو 2024، تركيا تفوز على التشيك 2-1 وتصعد لدور ال16    يورو 2024 – تعرف على كل المتأهلين لدور ال16.. مواعيد المباريات والطريق حتى النهائي    موظفو وزارة الخارجية الإسرائيلية يهددون بإغلاق السفارات    عاجل - مرشح رئاسي ينسحب من الانتخابات الإيرانية قبل انطلاقها بساعات..مدافع شرس عن الحكومة الحالية    الاستعلام عن شقق الاسكان الاجتماعي 2024    دوري مصري وكوبا أمريكا".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    محافظ بني سويف يكلف التأمين الصحي بتوجيه فريق طبي لفحص سيدة من ذوي الهمم    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    نقابة الصحفيين تتقدم بطلبات للنائب العام حول أوضاع الصحفيين في الحبس    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    القوات المسلحة تنظم مؤتمراً طبياً بعنوان "اليوم العلمى للجينوم "    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    كيف يؤدي المريض الصلاة؟    الكشف على 2450 مواطنًا وتقديم الخدمات مجانًا بقافلة القومى للبحوث فى أطفيح    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة السر.. عم رفعت
نشر في الوطن يوم 05 - 01 - 2014

في إحدى الليالي الكئيبة، خرجت من باب الجريدة اللي أتدربت فيها، وأدعو تلك الليلة بالكئيبة لأنني كنت في حالة يرثي لها، جسديًا وعاطفيًا ونفسيًا بعد عناء يوم طويل من المحاضرات، والترجمة، والكتابة، ومع ذلك أصبر وأبعث في نفسي كلمات التشجيع والمثابرة حتى أكمل ما شرعت فيه.
وبالفعل كنت تعاقدت مع سواق ليقلني من الجريدة حتى المنزل في أيام تدريبي، وذلك من كثرة ما رأيت في طريقي للمنزل من معاكسات، وتحرشات إلى نظرات غير مرغوب فيها.. ما علينا.
عرفت "عم رفعت" السائق في إحدى المرات التي خرجت فيها مع والدتي و أخواتي وعهدنا معه يومًا غريبًا حيث تعطلت سيارته، ونحن في منتصف طريق 6 أكتوبر، و وجدنا أنفسنا على الطريق ننتظر توصيلة، ولكننا عدنا سالمين هذا اليوم، ولا أنسي نظرة هذا الرجل لنا وكيف كان كل همه أن نعود إلى بيتنا ولم يكترث هو لنفسه البتة ومنذ تلك اللحظة عرفت أنني سأطلب منه أن يساعدني في مأساتي في طريقي من الجريدة إلى البيت، و بالفعل طلبت منه و لم يمانع أبدأ.
أول مرة لي مع عم رفعت، بينما كنت أبحث عنه في الشارع ومعي والدتي علي الهاتف، وأتزمر أنه تأخر على ميعاده و إنني لا أطيق انتطاري له، و فوجئت أنه يقف أمامي و لكني لم ألحظه، أنا أسفة يا عم رفعت و الله بس أنا واقفة مستنياك بقالي كتير، يرد مبتسمًا ابتسامة بشوشة، أنا تحت أمرك يا هانم، بس أنا هنا بقالي نص ساعة و معرفش شكلك فكنت مستني إنك تشاوريلي، شعرت بالإحراج ليس لأنه رد باحترام، و ليس لأنني أتزمر على رجل ينتظرني منذ نصف الساعة، و لكن لأنه سمع "شتيمته بودانه" و مازال يدعوني بالهانم، ركبت في السيارة و احترامًا مني له جلست بجانبه حتى لا أشعره بطبقية أنه "سائقي الخاص"، عم رفعت في عمر والدي تقريبًا أو يصغرعنه قليلًا، قصير القامة، ممتلئ الجسم إلى حد ما، بسيط الهيئة يرتدي ملابس تبدو أنها ملابس العمل، ولكن يبدو أنه لا يملك غيرها، وتظهر عليها أثار الشحم و تنظيف السيارة، ملامحه مصرية أصيلة لا يمكنك أن تكذبها في البئس الذي يبدو عليها، قمحي اللون و دائما مبتسم.
جلست صامتة و لم أتحدث حتى سألني هو عن دراستي، و لماذا أتدرب بالجريدة، وأشاد بدور اللغات في عصرنا هذا، و بدأ يحكي عن نفسه بسلاسة و هدوء و على عكس باقي السائقين الذين يبدأو حكاياتهم بأن "البلد بقت زبالة والشوارع زحمة وإنه مش لاقي يأكل ومن صباحية ربنا مجابش إلا 20 جنيه وعنده عيل في المستشفي...إلخ"، وجدت عم رفعت يبدأ بجملة "تعرفي؟.. أنا بحب التصوير أوي.. أنا كنت بشتغل مع شركة ألمانية وكنت بصور المناسبات الكبيرة وصورت عيلة الدكتور فلان، والأستاذ فلان، ووزير الخارجية فلان، وعيلة فلان، وبنت رجل الأعمال فلان، أنا أصلًا مهندس زراعي بس أنا بحب التصوير وخدته هوايتي وكان عندي أستدويو زمان بس ظروف الإيجارالغالي خليتني أقفله، أنا الدكاترة بيكلموني يطلبوني أصور رسايل الدكتوراه بتاعتهم، حتى كنت بأصور دكتور إمبارح بدل ما يشكر دكاترة اللجنة اللي قدامه، كتب قصيدة شعر في مراته، هاهاهاها، يلا الحمد لله، عارفة يا أنسة.. البلد دي هتخليكي تعملي حاجات مكنتيش تتخيليها وهتطلع من جواكي مواهب ولا عمرك تخيلتي إنها عندك، وهتوديكي أماكن وهتعيشك عيّش مكنتيش تسمعي عنها قبل كده، وعشان ده أنا بحبها، أوعي أبدا تقولي للحياة لأ ولا حتى لمصر!، إمشي معاها زي ما تقولك تعالي.. روحي وراها، ومتخافيش جمدي قلبك أصل في الأول وفي الآخر في واحد مراقبك فوق وهيحافظ عليكي ومسيرك ترجعيله إن شاء الله، بعد عمر طويل يعني لا مؤاخذة، وأنا أهو كنت مهندس زراعي وذاكرت وتعبت ونجحت وبعدين اشتغلت مصوراتي، وبليل سواق تاكسي، ومقولتش لأ وسايبها على الله، وأنا أتمني في يوم من الأيام تجربيني يمكن أصورك صورة حلوة في مناسباتك الجاية "تخرجك، خطوبتك، فرحك"، أنا أصلي بفهم في الوشوش، وأنت من الوشوش اللي الكاميرا هتحبها في يوم من الأيام وهتبقي دايما معاها.
أنا طوال فترة الحديث مستمعة جيدة، ولا أعلق سوى "بجد وما شاء الله"! حتى ظهر عليّ الملل ولكني لم أمل أبدًا، و سرحت بخيالي وأنا جالسة في كرسي الأمامي المهترئ في كلامه البسيط النقي، "عم رفعت" جاء بعد عمر دام عشرون عاما و "جاب الزتونة" ووصف لي الوصفة السحرية للحياة، وصفة قد تظل معلقة في ذهني أعوام و أعوام، ذلك الرجل البسيط كتب لي "الروشتة" التي سأسير عليها طوال حياتي في مجرد فضفضة خرجت من قلبه و دون أي مقدمات و لا أسباب.
يا "عم رفعت" ربنا يجازيك خير أنت "كلمة السر" بتاعتي اللي دورت عليها من زمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.