«بقالى 12 سنة فى الشارع.. ولما صاحب الورشة سرّحنا وقفلها بقيت بجمع الزبالة وأبيعها علشان آكل وما أمدش إيدى لحد».. بهذه الكلمات، اختصر فؤاد محمد صبحى، 54 عاما، الذى يعيش على أحد الأرصفة قرب محطة الرمل، قصة معاناته منذ انهيار منزله قبل 12 عاما. يقول «فؤاد»: سكنت الشارع وأنا عندى 42 عاما، بعدما انهار بيت جدتى فوق رؤوسنا. وأضاف: «أصبحت وحيدا بعدما توفى أبى وأمى، وانشغل إخوتى بحياتهم، وقفت على أبواب المسئولين وقتها، وكنت أذهب إلى مكاتبهم علشان حد يساعدنى لكن مفيش حد سامعنى ولا سائل فيا خالص». ويتابع: «بعدها جلست بغرفة صغيرة بأحد البيوت، لكنها احترقت وحررت محضرا، وذهبت إلى حى الجمرك علشان أدور على أى غرفة بعد البيت ما وقع والغرفة اتحرقت، محدش سأل فيا». وصمت «فؤاد» قليلا قبل أن يغالب دموعه، قائلا: «أنا صعبان عليا نفسى أوى تعبت خلاص مش قادر أستحمل، عايش وحيد فى الدنيا وصحتى بقت على قدى ومش باقدر أمد إيدى لحد وماليش غير ربنا»، وردد: «يا رب ارحمنى بقى». وعن سبب عمله بجمع القمامة، قال: «أنا كنت أعمل بورشة أحذية، وأول ما الصين غزت البلد، والأحذية بتاعتها بقت فى كل مكان وبأسعار رخيصة جداً، أصحاب الورش والمصانع الصغيرة قفلوا وسرحوا العمال وأنا كنت واحد منهم، وأصبحت عاطلاً ولم أجد بيتاً أسكن فيه، ولقيت نفسى فى الشارع وماليش غير ربنا». وأضاف: «عمرى ما مديت إيدى لأى حد أعرفه أو ما اعرفوش ولا أخدت حاجة من حد، بجرى على لقمة عيشى كل يوم الصبح، بس مفيش قدامى أى طريقة علشان أكسب عيش بالحلال منها غير جمع الزبالة علشان أقدر آكل منها واصرف على علاجى وأكلى، أنا مريض وصحتى تعبانة وعايش على المسكنات، ضلوعى اتكسرت من النوم على الرصيف». وتابع: «أنا كل يوم بجمع زبالة، وأحطها فى الأكياس الكبيرة وبعدين أحملها على عربية ب20 جنيه، وأبيعها بمنطقة (بحرى) ب80 جنيه، واصرف منها على علاجى وأكلى وشربى، وارجع تانى علشان أجمع الزبالة من الشوارع، أنا مش باخد حسنة من حد ولا فلوس». ويستطرد حديثه قائلاً: «أنا دلوقتى حياتى فى خطر كل يوم البلطجية مش راحمينى، عينهم على أكياس الزبالة اللى بجمعها كل يوم علشان أبيعها، من كام يوم حاول عدد من الشباب الصغير بالليل وأنا نايم إنهم يسرقوا الأكياس على (توك توك) علشان يبيعوها، وأفراد الأمن نجدونى، وقلت للعيال حرام عليكم سيبونى فى حالى، انتم طمعانين فى الزبالة». وناشد «فؤاد» المسئولين قائلاً: «فقط انظروا لى بعين الرحمة وأنقذونى من النوم فى الشارع، أنا مش عايز غير غرفة صغيرة أعيش فيها وشغلانة آكل منها عيش واصرف بها على علاجى وأكلى».