لست أفهم حتى الآن لماذا كل هذه الاعتداءات والحوادث غير المبررة التى لا يستهدف من ورائها إلا إحداث حالة من الارتباك والفوضى ولا تصب إلا فى مصلحة أعداء الوطن فى الداخل والخارج الذين يريدون لمصر أن تسقط ولحكومتها أن تفشل ولشعبها أن يدخل فى نفق الحرب الأهلية، وفى الحقيقة أن المعتدى عليه فعليا فى هذه الأحداث هى مصر الدولة وليس الأشخاص؛ إذ إن الاعتداء على هؤلاء الجنود الأبرياء الذين لا ذنب لهم إلا أنهم مجندون فى صفوف الجيش المصرى لحراسة وتأمين تراب هذا الوطن وقتلهم فى ساعة الإفطار بهذه الوحشية إنما ينطق وبصريح العبارة بأن المقصود هو زعزعة أمن واستقرار هذا البلد وإيهام الرأى العام العالمى أن مصر دولة غير آمنة وغير قادرة على حماية حدودها وأن هناك مجموعات إرهابية متطرفة تناهض حكم وحكومة وجيش الدولة المصرية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إحداث وقيعة وشرخ فى جدار العلاقات المصرية - الفلسطينية أو بعضها وما هو معلوم أن الوقيعة بين مصر وفلسطين أو حماس على وجه الخصوص إنما تخدم مصالح إسرائيل وتحقق أهدافها السياسية والعسكرية، والحقيقة التى يجب على الجميع أن يعلمها أن علاقة مصر بفلسطين ليست من باب الرفاهية السياسية أو العسكرية وإنما هى مسألة تفرضها العقيدة، كما أن حماية التراب الفلسطينى قضية أمن قومى بالنسبة لمصر وبالتالى القطيعة التى يتحدث عنها البعض بين مصر وفلسطين تحت أى سبب أمر غير وارد على الإطلاق حتى إن ثبت أن بعض المتورطين فى هذا الحادث البشع يحملون الجنسية الفلسطينية؛ إذ إنه من الممكن أن يكون قد تم تجنيد هؤلاء وشراؤهم للقيام بهذه المهام لخدمة أنظمه بعينها، وأيضا لأنه ليس معنى أن أفرادا إرهابيين قد اعتدوا علينا أن هذه هى سياسة الدولة التى يحملون جنسيتها تجاه الدولة المصرية، خصوصا أن هناك حوادث مشابهة استهدفت مصر فى الماضى وكان الجناة فيها مصريين؛ فالإرهاب ليس له دين ولا جنسية. المهم أن هذه الحادثة، المجنى عليها فيها هى مصر بأمنها واقتصادها وجيشها وترابها وسمعتها، ومع صادق ترحمنا على إخوتنا الجنود الذين استشهدوا جرّاء هذا الحادث الأليم وعزائنا لأسرهم فإننا نطالب الرئيس بأن يقتص لأرواح هؤلاء الشهداء وألا يسمح بتكرار مثل هذه المصيبة مرة أخرى مهما كان الثمن، وأيضا ما حدث أثناء تشييع جنازة هؤلاء الشهداء من اعتداءات على بعض الأشخاص والرموز الوطنية أمثال الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، المرشح الرئاسى السابق، أمر لا يعبر إلا عن مهزلة أمنية؛ إذ كيف تحدث مثل هذه الاعتداءات فى مشهد كان من المقرر أن يشارك فيه رئيس الجمهورية وفى حضرة السيد المشير والسيد رئيس الأركان وغيرهما من السادة المسؤلين؟ وكيف يتم الاعتداء على السيد رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل بهذه الصورة المهينة لا لشخصه فقط وإنما لمصر كلها لأنه رمز للحكومة المصرية ورمز لهيبة الدولة؟ إن ما حدث أمر محزن ومخزٍ ومخجل، وهو محاولات رخيصة من بعض من يتوهمون أن بإمكانهم إسقاط الدولة والشرعية والقضاء على الثورة والعودة بمصر إلى النظام القديم وعودة رموزه السابقين إلى سدة الحكم مرة أخرى.. ولكن هيهات هيهات. والمجنى عليها كما قلت هى مصر وليس الأشخاص حين تظهر مصر أمام العالم على أنها دولة ضعيفة غير قادرة على حماية رموزها ومسئوليها، الأمر الذى يؤثر سلبا على الاقتصاد ويقلل من فرص الاستثمار. ولن نغض الطرف عما حدث للأستاذ خالد صلاح من بعض من لا يعترفون بحرية الإعلام واحترام الرأى الآخر، الأمر الذى نستنكره جميعا ونطالب بمحاسبة مرتكبيه؛ فحرية الإعلام ينبغى أن تكون مكفولة وإن كان هناك من خلاف فالسبيل إلى حله هو الحوار والنقاش أو القانون وليس فرد الذراع، وعلينا جميعا أن نكون حماة للحريات ما دامت حريات مسئولة؛ لأن مدى ثقافة الدول وتحضرها يقاس بمساحة الحريات المكفولة فيها. وفى النهايه لا أملك إلا أن أقول: لك الله يا مصر.