سألنى صديق مندهشاً عما سماه حل المعادلة الصعبة، الإخوان ومعهم التكفيريون ومن يُطلق عليهم الجهاديون وكل تنظيمات التأسلم السياسى معظمهم يحفظون القرآن فكيف يقتل ويسحل ويخرب من حفظ القرآن؟ قلت له حل هذه المعادلة التى تراها صعبة هو حل فى منتهى السهولة، اقرأ قصة عبدالرحمن بن ملجم قاتل على بن أبى طالب كرم الله وجهه وأنت تعرف كيف يتم تزييف الوعى وغسل الدماغ لرجل حافظ للقرآن بل ليس حافظاً فقط بل معلم يتعلم المصريون على يديه قراءة القرآن! المشكلة ليست فى الكتاب العظيم الجليل المقدس ولكن المشكلة فى الدماغ المتزمتة الحرفية المزيف وعيها المغسول مخها التى تتخيل أن القتل أقصر جسر إلى الجنة، المشكلة فى الحافظ اللى مش فاهم، ولكن ما هى قصة عبدالرحمن بن ملجم رمز الخوارج الدموى اللعين؟ عبدالرحمن بن ملجم كان إنساناً تقياً زاهداً صالحاً أرسله عمر بن الخطاب إلى مصر تلبية لطلب عمرو بن العاص، حيث قال: يا أمير المؤمنين أرسل لى رجلاً قارئاً للقرآن يُقرئ أهل مصر القرآن، فقال عمر بن الخطاب: أرسلت إليك رجلاً هو عبدالرحمن بن ملجم من أهل القرآن آثرتك به على نفسى -يعنى أنا أريده عندى فى المدينة لكن آثرتك به على نفسى- فإذا أتاك فاجعل له داراً يُقرئ الناس فيها القرآن وأكرمه، تخيلوا تاريخ هذا الرجل الورع ماذا قال وهو يقتل الإمام على بضربة سيف مسموم أثناء سجوده وهو الذى تربى فى كنف إمام المتقين طفلاً فردّ له الجميل قتلاً وغدراً، كان يردد قول الله تعالى: «ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد»، ومدح بعدها الخوارج ابن ملجم قائلين: يَا ضَرْبَةً مِنْ تَقِىَ مَا أَرَادَ بِهَا * * * إلاَّ لِيَبْلُغَ مِنْ ذِى العَرْشِ رِضْوَانا إنِّى لأَذْكُرُهُ يَوْماً فَأَحْسَبُهُ * * * أَوْفَى البَرِيَّةِ عِنْدَ الله مِيزَانا أَكرِمْ بِقَوْمٍ بُطُونُ الطَّيْرِ أَقْبُرُهُمْ * * * لَمْ يَخْلِطُوا دِينَهُمْ بَغياً وَعُدْوَانا تخيلوا الأدمغة المغسولة لقوم كانوا أكثر المسلمين سجوداً لدرجة تقرُّح جباههم وخشونتها كثفنات البعير أو ركب الإبل! تخيلوا احتفاءهم بمقتل إمام المتقين وابن عم الرسول! تخيلوا مدى اقتناع ابن ملجم بما فعله، واقتناعه بأن قتله لعلى بن أبى طالب أعلى درجات التقوى والورع لدرجة أنه فى حكاية من الحكايات أن بن ملجم طلب من الحسن متوسلاً ألا يقطع لسانه برغم عدم جزعه من قطع اليد والرجل أتعرفون لماذا؟ لأن ابن ملجم لا يريد أن تضيع منه لحظة دون قراءة القرآن! هذه التركيبة النفسية المعقدة نراها ونلمسها الآن فى وطننا المنكوب، ونتساءل بعجب واندهاش: ما الذى يجمع بين الشتيتين فى نفس الشخص، بين الشامى والمغربى، بين الأبيض والأسود، بين حافظ القرآن وقاتل البشر؟! اقرأوا قصة ابن ملجم ولن تندهشوا.