أصدر منتدى رفاعة الطهطاوي للدراسات الديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التابع لمؤسسة "عالم واحد" للتنمية ورعاية المجتمع المدني، ورقة سياسات تحت عنوان "نحو نظام مصري للعدالة الانتقالية"، لوضع عدة ضوابط للمرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن. وتتناول الورقة سردًا موجزًا حول إمكانات تطبيق منهج العدالة الانتقالية بما يتوافق مع الحالة المصرية بعد ثورتي الخامس والعشرين من يناير، والثلاثين من يونيو، حيث تستعرض الورقة تعريفًا نظريًا للعدالة الانتقالية ومنهجها وآليات عملها، وذلك في ضوء الخبرة التاريخية لتطبيقها في مصر، والتي أبرزتها الورقة في عدد من الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية منذ ثورة 1952، وحتى فترة حكم الرئيس الأسبق مبارك، كذلك تناولت الورقة تحديات قيام العدالة الانتقالية في الوقت الراهن، والتي تتمثل في صدور أحكام نهائية في قضايا قتل المتظاهرين والتي حصلت معظمها إن لم يكن جميعها على أحكام بالبراءة، ما يجعل من الصعب أو المستحيل إعادة محاكمة نفس المتهمين مرة أخرى على نفس الجرائم وإلا سيحدث خللاً واضحًا وشك في الإجراءات القضائية، كذلك إشكالية إصلاح المؤسسات الأمنية على سبيل المثال، ومنها الجيش والشرطة، وكذلك إصلاح المؤسسة القضائية، كما وضعت الورقة تصورًا حول الفترة الزمنية التي يجب أن تغطيها لجان الحقيقة والمصالحة. وأبرزت الورقة معضلتين أساسيتين تقف أمام تطبيق العدالة الانتقالية في مصر، الأولى هي الفلسفة وراء السعي إلى العمل في ملف العدالة الانتقالية، فهل تقوم على مبدأ عدالة المنتصر، أم أنها ستحتوي كل الأطراف من أجل الوصول إلى الاستقرار وعودة المجتمع إلى حالة السلم والأمن المجتمعي، أما الثانية فهي مدى تقبل كل الأطراف في مصر لعمليات المصالحة والعدالة الانتقالية. ووضعت الورقة عددًا من التوصيّات بشأن تأسيس نظام مصري للعدالة الانتقالية، ومنها تشكيل "لجان تقصي الحقائق" وهي لجان للتعرف على الحقيقة بكل تفاصيلها يكون الهدف منها الوصول إلى الحقيقة دون إصدار أحكام، كذلك التعرف على الحقيقة بمعيار الموضوع، ما يتيح التعرف على كل الجوانب دون الارتباط بفترة زمنية معينة حدثت فيها بعض الانتهاكات، كذلك التعرف على الحقيقة فيما يخص قضايا الفساد والرشاوى وعمليات بيع البنوك والأراضي وغيرها من قضايا يعود حلها والبت فيها بالنفع العام على المجتمع المصري. وأشارت إلى أن الحديث عن هيكلة جهاز الشرطة منذ قيام ثورة يناير 2011، وحتى الآن هو فقط في إطار الجدل، دون التحرك إلى مربع التفعيل، وأنه لا بد من أن يتوفر للجان تقصي الحقائق كل الصلاحيات دون استثناء لسؤال الجميع دون استثناء أحد حتى ولو المطلوب الحديث معه أو سؤاله ما زال في سدة الحكم.