ما أسهل أن يسرح الشيطان ب«بنى آدم» ويذهب به كل مذهب و«يفسحه» يمينا وشمالاً. ولو أنك راجعت ما يردده الإخوان على هامش المظاهرات التى شهدتها مصر بعد تصديق الرئيس المؤقت على قانون التظاهر، فسوف تدرك كيف أدار «الشيطان» رؤوسهم، وهيأ لهم أن الشارع بدأ ينحاز إليهم، وأن كرة الثلج قد ألقيت، وأن حجمها سوف يزيد بمرور الأيام، لينسال المصريون إلى الشارع من جديد مثلما حدث فى يناير 2011، ليركبوا موجته، ويختلسوا ثورته وفرحته ويمتطوا كراسى الحكم و«يدلدلوا رجليهم»! هذا ضرب من ضروب الخيال، «الإخوان» لن تعود إلى الحكم، بل إن من المبالغة بمكان أن يظن أتباعها أن بإمكانهم الوجود فى المشهد خلال السنوات القادمة. كان غيرهم أشطر!.. وأقصد بغيرهم فلول نظام «مبارك»، هذا الرهط من المصريين الذى نشأوا وتربوا وترعرعوا فى أحضان دولة «مبارك»، وكبرت «كروشهم» وسمنت «جسومهم» من عصر فساده. ومنذ قيام ثورة يناير 2011 وهم يحلمون ويحاولون ويجتهدون فى العودة إلى صدارة المشهد من جديد دون جدوى، رغم أن الكثير من رموزهم ما زالوا يسيطرون على عدد من مفاصل الدولة العميقة، ورغم أنهم أكثر حرفية و«شطارة» من الإخوان، ومع ذلك فإنهم عاجزون أشد العجز عن العودة مرة ثانية إلى الحكم، حتى بعد الموجة الثانية من الثورة فى 30 يونيو، والتخلص من الإخوان. لعلك تلاحظ محاولاتهم المستميتة للعودة، واجتهادهم المتواصل فى اغتيال ثورة يناير معنوياً، لكن الواقع يؤشر إلى عدم جدوى هذه المحاولات، وقد يبرهن لك المستقبل على ذلك. إذا كان الأمر كذلك بالنسبة للفلول «الشطار» «المتودكين» «الحريفة» فما بالك بالنسبة للإخوان الذين أفلحوا فى «تحويش» رصيد ضخم من الكراهية فى نفوس المصريين، أصبح يحول بينهم وبين الوجود فى الشارع المصرى. قديماً كان أحد الفلاسفة اليونانيين يردد «لا يوجد ثابت فى الحياة إلا الثبات نفسه.. فكل شىء يتغير.. والإنسان لا ينزل النهر مرتين، لأن ماء النهر يتجدد باستمرار». لو تعلمت الجماعة التى تصارع على السلطة فى مصر هذا الدرس لفهمت أن من يتجاوز معادلات الزمن يعبر عليه الزمن، وأنه ليس من الحكمة أن تتعامل بطرق وأساليب قديمة فى زمن جديد. على الإخوان أن يفهموا أن حلمهم بالعودة ثانية إلى الحكم هو المستحيل بعينه. فمن يعجز عن الاحتفاظ بالشىء وهو فى يده يكون عن استرداده أعجز. وفى تقديرى أن فلول نظام «مبارك» فى حاجة إلى التفكير أيضاً فى هذه الحقيقة الإنسانية الخالدة التى تؤكد أن من يحاول استرجاع تجارب الماضى تدهسه عربات المستقبل، ويفهموا أن محاولاتهم الساذجة ل«شيطنة ثورة يناير» لن تغير فى الواقع شيئاً ولن تدفعهم من جديد إلى صدارة المشهد السياسى والعودة إلى الحكم، وتمكنهم من الانتقام من ثوار يناير الذين أسقطوهم من فوق عروشهم.. الشباب هو الذى سوف يشكل بإرادته خريطة الزمن القادم، بعد أن كفر بدولة العواجيز وحكم المسنين، سواء كانوا أصحاب «دقون» أو «حالقين»! .. عمر اللى فات ما حيرجع تانى!