سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الليلة الأولى بعد الاقتحام: شوارع خالية وشباب يرابطون أمام القسم.. ومظاهرة إخوانية الأهالى يلزمون منازلهم ويغلقون المحال.. والأمن يسمح بخروج ودخول الحالات الإنسانية والمرضية فقط
قضت «الوطن» ليلة أمس، الجمعة، مع أهالى كرداسة، بعد انتهاء اليوم الأول من العمليات التى بدأتها قوات الجيش والشرطة لتطهير منطقتى كرداسة وناهيا من البؤر الإرهابية، التى مارست الإرهاب وقتلت 11 ضابطا ومجندا داخل قسم شرطة كرداسة، بعدما توج اليوم الأول للاقتحام بنجاح كبير للقوات، التى ألقت القبض على أكثر من 70 من العناصر المطلوبة لدى الجهات الأمنية. بعد غروب شمس يوم الخميس، تمركزت عشرات المدرعات وسيارات الشرطة المصفحة أمام مدخل قرية كرداسة من عند ترعة المريوطية، بعدما انسحبت من أمام قسم شرطة كرداسة المحترق، وإلى جوارها وقفت سيارات البث المباشر لعدد من القنوات الفضائية، بعد أن سيطرت الشرطة على الأوضاع بالقرية، بعد تبادل كثيف لإطلاق النيران مع العناصر الإرهابية الموجودة بالمدينة، حيث انسحبت أكثر من 40 مدرعة تابعة لقوات الجيش والشرطة، و35 سيارة شرطة محملة بالجنود، و10 سيارات أمن مركزى من شوارع كرداسة الداخلية، وتمركزت فى أكمنة بالخارج على أطراف كرداسة. فى تمام السابعة مساء، زادت أعداد الشباب والصبية أمام مركز الشرطة المحترق، وتجاذبوا فيما بينهم أطراف الحديث والتفوا حول الصحفيين الموجودين فى المنطقة، فى تلك الأثناء غادرت آخر سيارة بث مباشر تابعة لإحدى القنوات الخاصة المكان، خوفا من تعرض طاقمها للأذى بعد انسحاب الشرطة، فيما تمركزت أكثر من 5 قنوات فضائية أخرى بجوار كمين للشرطة خارج المدينة، بمحاذاة ترعة المريوطية وبالقرب من الشارع السياحى، وخلت شوارع كرداسة ليلا من المارة تماما، إثر تنبيه الشرطة صباحا على الأهالى بضرورة التزام منازلهم وعدم الخروج إلى الشرفات أو اعتلاء أسطح المنازل بعد أن صعد إليها القناصة. وقال عاطف رزق أبوحلاوة، 27 سنة، مبيض محارة، «إحنا ضد الإرهاب اللى حصل فى كرداسة، لأن الذين قتلوا من ضباط وجنود هم أبرياء ليس لهم أى ذنب، لكن الأمر المؤسف أن جميع الناس أصبحوا يتعاملون مع أهالى كرداسة على أنهم إرهابيون، وهو أمر نرفضه ونطالب جميع وسائل الإعلام بعدم شيطنة أهالى كرداسة لأنهم أبرياء أيضاً، وهدفهم الوحيد البحث عن لقمة العيش». وأضاف «لن أنسى ما تعرضت له منذ 3 أيام، عندما كنت ذاهبا إلى عملى فى منطقة 6 أكتوبر، وأثناء مرورى من كمين كان منصوبا بالقرب من مسجد الحصرى استوقفنى أحد الضباط، وعندما اطلع على بطاقتى الشخصية وتأكد أننى من كرداسة ألقى القبض علىّ، بالرغم من أننى لم أكن أحمل أى شىء مخالف، واحتجزت من 8 صباحاً وحتى 10 مساء، حيث أطلقوا سراحى بعد تأكدهم من أننى لست مطلوباً فى أى قضايا». ولفت عاطف إلى أن جميع أهالى القرية فى حالة ارتياح وسعادة تامة، بعدما تمكنت قوات الجيش والشرطة من دخول القرية وتمشيط منازل المشتبه فيهم، حتى تظهر الحقيقة أمام الرأى العام، ليعرف الجميع أن أهالى كرداسة ليسوا إرهابيين، وإنما الإرهابيون الحقيقيون هم الذين نفذوا المجزرة التى حدثت فى قسم الشرطة، وكانوا ملثمين ومن الأعراب الذين يتخذون من المنطق الجبلية المحيطة بكرداسة وأبورواش مقرا لهم. وأجبرت ظروف الاقتحام وحالة حظر التجوال أحد الأهالى على تأجيل «حنة» ابنته، التى كان من المفترض إقامتها ليلة الخميس، ورغم تعليق الأنوار الخاصة بالحفل فى الشارع الجانبى الذى يتوسط المحال فى مواجهة موقف سيارات كرداسة، إلا أن الصمت والهدوء كانا سيد الموقف فى الشارع، وأعلنوا تأجيل موعد الزفاف إلى الأسبوع المقبل، لحين هدوء الأوضاع. فى المناطق القريبة من موقف كرداسة، ظهرت آثار طلقات الرصاص التى أحدثت ثقوبا كبيرة ومتعددة فى واجهات العمارات من الخارج، خاصة فى الشوارع الرئيسية، وبسؤال أحد سكانها، رفض نشر اسمه، قال إن آثار الطلقات حدثت عندما تبادلت قوات الجيش والشرطة إطلاق النيران مع أحد العناصر الجهادية، الذى حاول الهرب بواسطة سيارة نصف نقل لكنه استسلم بعدما حاصرته القوات، واقتيد إلى إحدى السيارات التابعة لقوات العمليات الخاصة، كما انتشرت القوات الساعة 11 مساء الخميس فى ناهيا، للبحث عن القياديين فى الجماعة الإسلامية عاصم عبدالماجد وطارق الزمر. وفى الساعة 9 مساء الخميس، انتشرت بعض الأخبار عن قدوم مسيرة إخوانية إلى منطقة القسم لتتظاهر ضد السلطة القائمة، اعتراضا على اقتحام كرداسة، وبالفعل خرجت المظاهرة من منطقة «الحصواية» التى يتمركز فيها عدد كبير من الإخوان، ونظمتها عائلتا «الجندى» و«الغزلانى»، وبلغ عدد المشاركين فيها عدة مئات، ورددوا هتافات معادية للفريق أول عبدالفتاح السيسى، ووزارة الداخلية، منها «الانقلاب هو الإرهاب» و«الداخلية بلطجية»، واستمرت حتى 10 مساء. وبسبب منع قوات الجيش والشرطة دخول أو خروج أى سيارة من وإلى كرداسة طوال اليوم، خلت الشوارع من السيارات و«التوك توك»، وانعدمت المواصلات تماما داخل المدينة الكبيرة، التى يقطن بها حوالى 300 ألف نسمة، لكن مع انسحاب قوات الشرطة من شوارع المدينة تنفس بعض أصحاب محلات السوبر ماركت الصعداء، وفتحوا محلاتهم على استحياء. يقول أحمد عمر، 30 عاما، من أهالى كرداسة، «اختفت مظاهر الحياة من كرداسة بسبب الحظر الذى فرضته قوات الأمن على الأهالى، ولم يذهب كثير من المصلين للمساجد، دا الجامع اللى جنب القسم مكنش فيه إلا 4 بيصلوا العصر وكلهم من الشرطة»، وكان ذلك هو حال أغلب المساجد المنتشرة فى المدينة، وأضاف «الشرطة لم تتمكن من القبض على المتورطين الحقيقيين فى عملية اقتحام القسم وقتل ضباط الشرطة فيه، لكنها اكتفت بالقبض على بعض المشاغبين وعناصر الإخوان، لكن المسلحين هربوا إلى المزارع القريبة من صحراء أبورواش وبعض الشقق السكنية داخل المدينة، ومن بينها منطقتا «الحصواية والسوق القديم»، مؤكداً عدم هروب المسلحين إلى الصحراء، لأن المدينة ستكون أكثر أمنا بالنسبة لهم، رغم وجود عدد لا بأس به من المغارات داخل الهضبة، يمكنها حمايتهم من الشرطة. بعد انتهاء مظاهرة الإخوان، هدأت الأمور، وتمركزت قوات الشرطة خارج المدينة ومنعت دخول وخروج المواطنين باستثناء الحالات الإنسانية والمرضية، وبعد بدء حظر التجوال، تحركت مدرعات الجيش والشرطة، لبدء عملية مداهمة منازل المشتبه فيهم، بينما شددت الكمائن الثابتة من إجراءات التفتيش، تحسباً لحدوث أى هجمات إرهابية على القوات المنتشرة على أطراف كرداسة.