«محمود» 6 سنوات، و«ندى» 4 سنوات، طفلان فى عمر الزهور، فى تلك السن الصغيرة شاهدا ما لا يحتمله إنسان، جريمة قتل والديهما بشقتهما بالطالبية، ذبح شاب وفتاة أمهما، وأطلق الأول رصاصة على رأس الأب فور دخوله من باب الشقة، ثم ذبحاه أيضا، فانهمرت دماؤه على علبة بسبوسة كان قد أحضرها لهما بعد أن طلب الطفل منه إحضارها، ثم استوليا على مبلغ مالى وفرا هاربين. المشهد المفزع أصاب الطفلين بحالة من الذهول، ربما لم يكن أى منهما واعيا بفداحة الأمر، حتى إنهما لم يخطر ببالهما أنهما لن يشاهدا والديهما مرة أخرى، حتى قادتهما المصادفة لقسم الشرطة عقب خروجهما من المنزل وعثور سائق تاكسى عليهما، رويا له الواقعة، فأسرع بتسليمهما للمباحث، حيث ذكرا تفاصيل الجريمة لضباط الشرطة وسط حالة من الصدمة. جريمة كاملة، جمعت فى طياتها جحود الجناة ورغبتهما فى إراقة الدماء مقابل حفنة من المال، لم يقتلا شخصا واحدا، بل قتلا زوجين، والأغرب أنهما قررا قتلهما أمام طفليهما، فى مشهد لن يفارق بالهما طيلة حياتهما، وعقب المذبحة، حصل المتهمان على حقيبة نقود بها مبلغ 100 ألف جنيه، وفرا هاربين تاركين وراءهما لغزا فشلت جهود جهات التحقيق والمباحث فى التوصل لخيط يدلها على القاتل الطليق. حفظت النيابة التحقيقات، وقيدت الجريمة ضد مجهول، ليظل الطفلان فى عناء البحث عن العدالة الضائعة، سنوات ستمضى عليهما، وينضجا بما فيه الكفاية لفهم الحقيقة، والتفكير فى ضياع دماء والديهما هدرا، دون تقديم القاتل للمحاكمة، والاقتصاص منه. 10 أشهر كاملة فصلت الجريمة عن حفظ التحقيق فيها، تم خلالها فحص عشرات المشتبه فيهم و«المسجلين خطر»، وتم البحث فى علاقات الزوجين، وأقاربهما لكن دون جدوى، فالقاتل نفذ الجريمة واستولى على المال، وربما يكون قد استنفده، بينما ترك الأحزان والمعاناة للطفلين وأسرتى المجنى عليهما. بداية القصة، كانت مع طرقات متتابعة على باب شقة محمد عبدالرافع، 34 سنة مقاول، ولعدم وجوده بالمنزل، قامت زوجته «راوية»، 28 سنة، بمهمة التحقق من طارق الباب، وفتحت بعد أن سمعت صوت فتاة، لم تأخذ الفرصة كاملة لفتح الباب، فبينما فتحت القفل، دفع شاب يقف بجوار الفتاة الباب بقوة أوقعت السيدة على الأرض، ثم انقضت الفتاة عليها وتولى الشاب إغلاق الباب بعد دخولهما والهجوم على السيدة داخل الشقة. ثوان قليلة مرت، سمع الطفلان صوت صرخات والدتهما، فخرجا مسرعين، لكن الفتاة كانت قد كممت وجه الأم، وكتمت صرخاتها، لتهرول ناحية الطفلين وتمسك بهما وتقيدهما بالأحبال على كرسى موضوع فى صالة الشقة، وتطلب منهما عدم الحديث نهائيا، حاولت الأم معرفة ماذا يحدث، إلا أن المتهمين وجها لها عدة ضربات على الوجه والرأس، ثم سألاها عن الأموال: «الفلوس فين بتاعت جوزك؟»، ردت الزوجة فى ذعر: «فلوس إيه والله ما أعرف بتتكلموا عن إيه»، وبعد بحث الشاب داخل الشقة على الأموال وتأكيد الزوجة عدم علمها بمكانها، استوليا على المصوغات الخاصة بها، وذبحا الزوجة. فى تلك اللحظات كان الزوج يفتح الباب بمفتاحه الخاص، وضع قدمه اليمنى داخل الشقة، ليجد المتهم يجذبه للداخل، كان يحمل علبة «بسبوسة»، طلب منه نجله أن يحضرها له عند عودته من العمل، لم يتمالك الزوج نفسه من منظر زوجته والدماء تسيل بغزارة من رقبتها، صرخ بصوت عال «إنتو مين؟» فرد عليه المتهم برصاصة فى الرأس، من سلاح نارى كان بحوزته، فجر رأسه فسقط على الأرض غارقا فى دمائه، التى غطت على علبة البسبوسة، ولم يكتف بذلك بل ذبحه بنفس السكين ليتأكد من وفاته. فر المتهمان بعد حصولهما على حقيبة النقود، التى تمكنا من العثور عليها بغرفة النوم، فى دقائق بحثا فيها بدقة بعد قتل الزوجين. وتمكن بعدها بساعات الطفلان من فك القيود، والخروج من الشقة فى ساعة متأخرة من الليل، صادفهما سائق تاكسى فسألهما: «إنتو رايحين فين دلوقتى؟» -بحسب التحقيقات- فقالوا له ما حدث، مما دفعه للإسراع بتسليمهما للشرطة، وقصوا على المباحث الواقعة، فانتقل عدد من الضباط بصحبتهم إلى الشقة، ليجدوا الجثتين وآثار الدماء والبعثرة بمحتويات الشقة كاملة. التحريات الأولية قالت إن وراء ارتكاب الجريمة شاب فى نهاية العقد الثانى وفتاة فى نفس السن تقريبا، ورجحت أن يكون سبب الجريمة هو سرقة أموال المقاول ومصوغات الزوجة. أخطرت النيابة بالواقعة وبدأت تحقيقاتها حيث استدعت 3 من الجيران للاستماع لأقوالهم وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة، وفى الجانب الآخر قامت المباحث بفحص عدد من المشتبه فيهم لكن دون جدوى، ولم يتمكنوا من الوصول للمتهمين، وبعد مرور 10 أشهر على الجريمة حفظت النيابة التحقيقات!