تجاعيد واضحة تكسو قسمات وجهه، أسنان مخلعة لم يتبق منها سوى اثنتين بالكاد يكفيانه للكلام، نظارة قديمة عفا عليها الزمن تتماشى مع عمره الذي تجاوز الثمانية والستون عاما وتغطي عينين خضراوين اصابهما ما أصابه من عجز.. ومع كل ذلك روح شابة لا تهدأ تتجاوز في ثورتها شاب في العشرين من عمره. هو "مواطن مصري" أو "واحد من ال 80 مليون" كما يحب أن يطلق علي نفسه، ليس مهما بالمرة الاسم – كما يؤكد هو – فما الذي يفرقه عن غيره؟ المهم بحسب وجهة نظره هو "الثورة". يقف كل جمعة بين الثوار، بغض النظر عن طبيعة "الجمعة"، فلا تفرق معه إن كانت إسلامية أو ليبرالية أو حتى شيوعية.. وعندما يتعب من الوقوف والهتاف يجلس ممدا قدميه امام مبنى "بنها للمصنوعات" بميدان التحرير، ويحكي ببساطة: "أنا بنزل كل جمعة، بس من ورا ولادي، هما شباب ووطنيين لكن ما بينزلوش، لأنهم ما حسوش قبل كده بإحساس النصر اللي أنا حسيته، ما شافوش لما عبرنا 73 وإزاي وقتها عرفنا مشاعر عمرنا ما حسيناها قبل كده، أنا بنزل علشان عندي أمل.. أمل إني ممكن أحس بأحاسيس النصر دي تاني". آخر مرتب تقاضاه ال "مواطن مصري" - الذي يرفض أن يُعرف بغير ذلك - من عمله لمدة 37 عاما بالسكة الحديد كان 530 جنيها، لا يكفيانه أي شيء، وهو مبرر كاف من وجهة نظره لمناصرة الثورة: "أنا واحد من مليون مواطن بسيط كانوا ضحايا النظام، علشان كده نزلت أكثر من 30 جمعة حتى الآن، جايز مطالب الثورة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية يتحققوا، ومش عايز أقول اسمي لأن كلنا في الميدان واحد". الأمل والحلم لدى ال "مواطن مصري" لا يخصانه هو، فهو يعتقد أن "مستقبله خلفه وليس امامه بحكم سنه" لكنه يحلم لابنائه واحفاده، ولا يريد ان يعانون ما عاناه، وان يتلقوا تعليم وعلاج ومستقبل أفضل مما حصل عليه هو: "لما بنزل الميدان ما بقولش لحد إني نازل، لأن ولادي بيخافوا عليا علشان سني كبير وعندي أمراض كتير، لكن ليا صحاب هنا في الميدان، كل جمعة بقابل ناس شكل وبيبقوا صحابي في الحلم، وبينتخيل مع بعض مصر أجمل".