قال الدكتور محمد البنا، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنوفية، إن الحكومة طبقت برنامجا طموحا للإصلاح الاقتصادي، تضمن تحريرا لسعر الصرف الأجنبي، واتخاذ إجراءات مالية صارمة، وإصلاحات تتعلق بمناخ الإستثمار، واستهدف البرنامج استعادة القدرات التنافسية التي تحتاجها الصادرات المصرية، وازدهار أنشطة القطاع الخاص، التي ظلت مكبلة لفترات طويلة بسبب النقص في النقد الأجنبي. وأضاف "البنا"، ل"الوطن"، "من المتوقع أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في السنة المالية 2016/2017 "يوليو، يونيه" 4.3%، وهو معدل أقل قليلا من معدل النمو الحقيقي الذي تحقق العام السابق 4.3%، موضحا أنه بعد الانخفاض الذي شهده النمو الاقتصادي في الربعين الأولين، بدأ الاقتصاد الوطني يتعافى جراء التحسن في أنشطة القطاع الخاص، وإلى درجة أقل الاستهلاك الحكومي، وزيادة محدودة في الاستثمار، وتحسن في الصادرات، ولأول مرة منذعامين، رغم أنها لا تزال محدودة. وأشار "البنا"، إلى أن ميزان المدفوعات حقق فائضا مقداره 13.7 بليون دولار 5.8% من الناتج المتوقع، يرجع 90% منها إلى الفترة التي اعقبت تحرير سعر الصرف، بالمقارنة مع عجز بلغ 2.8 بليون دولار في العام السابق، نتيجة التحسن في عجز الحساب الجاري، وزيادة في تدفقات الرأسمالية والمالية، حيث تراجع عجز الميزان الجاري من 19.8 بليون دولار إلى 15.6 بليون دولار في العام المالي 2016/2017 نتيجة التحسن في صادرات البترول، وغير البترولية، وضغط الواردات والارتفاع المحدود في عوائد السياحة وتحويلات العاملين بالخارج. وتابع "البنا"، "قفزت حصيلة التدفقات المالية والرأسمالية إلى 29 بليون دولار في العام المالى 2016/2017، من 21.2 بليون دولار في العام اليابق، بسبب الزيادة في القروض الخارجية، وارتفاع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فضلا عن الزيادة الكبيرة في تدفقات الأموال قصيرة الأجل المستثمرة في الأوراق المالية، مع ارتفاع الكبير في أسعار القائدة على العملة المحلية". واستكمل "البنا"، "ساعد تحرير سعر الصرف على توفير موارد بالنقد الجنبي مكنت الحكومة من سداد التزاماتها تجاه شركات البترول العالميةوالتي بلغت نحو 2.3 بليون دولار في نهاية يونيو 2017، في مقابل 3.5 بليون دولار في نهاية عام 2016، وقفزت الاحتياطات من النقد الأجنبي إلى نحو 36 بليون دولار (7.5 تكفي لتمويل 7.5 سهرا من الواردات) بنهاية اغسطس 2017، بالمقارنة مع 19 بليون دولار بنهاية أكتوبر 2016. وأكد "البنا"، أن تنفيذ هذه الحزمة من السياسات، وغياب الإصلاحات المطلوبة في القطاع الحقيقي من النشاط الإقتصادي، أدى إلى ضغوط اجتماعية، في الأجل القصير، حيث ارتفع معدل التضخم لمستويات غير مسبوقة سيكون له انعكاسات سلبية على الانتعاش الإقتصادي المتوقع، كما أن مخاطر التدهور الأمني، يمكن أن تؤثر عكسيا على انتعاش القطاع السياحي، الذي يعد أحد المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي. وعلى الصعيد الاجتماعي، قال "ألبنا"، إن هناك مخاوف من ضعف الموارد التي تم توفيرها من إصلاح نظام دعم الوقود، بحيث لا تكفي للوفاء باحتياجات برامج الضمان والحماية الإجتماعية المتوقعة، بسبب التراجع الكبير في قيمة العملة الوطنية، وإن كان لا مناص من استمرار تلك الجهود لتحسين كفاءة نظام شبكة الأمان الإجتماعي، كما يخشى من استمرار ارتفاع معدل البطالة، وما يترتب عليها من تخفيض قدرات القطاع العائلي على تحسين ظروف المعيشة، التي تؤكد على ضرورة أن تعمل الحكومة على زيادة الانفاق على برامج الحماية الاجتماعية تكافل وكرامة، في مواجهة الأثار السلبية عبي مستويات المعيشة. ولفت "البنا"، إلى أنه رغم ما تظهره مؤشرات الاقتصاد الكلي من تحقيق نوع من الاستقرار، إضافة إلى استمرار الإصلاحات المالية، مع تقليص دعم الطاقة، وكبح الزيادات في فاتورة الأجور بالقطاع الحكومي، فإن سعي البنك المركزي في مواجهة التضخم، الذي كان له أثار اجتماعية سلبية، من خلال اتباع سياسة نقدية تقييدية، لا يساعد على تحقيق معدلات استثمار مناسبة تدفع بمعدل النمو الاقتصادي قدما للأمام.