يستعد المسلمون في مختلف الدول لاستقبال يومي تاسوعاء وعاشوراء من شهر محرم، حيث أعلنت دار الإفتاء إن يوم السبت الموافق 30 من سبتمبر2017 هو يوم تاسوعاء، والأحد الموافق 1 أكتوبر 2017 هو يوم عاشوراء، موضحة أنه «يجوز شرعا صوم يوم عاشوراء منفردا لثبوت الفضل والأجر لمن صامه ولو منفردًا، إلا أنه يستحب صوم يوم قبله أو بعده لمن استطاع». ويرجع فضله طبقا لما ورد عن أبي قَتادة رضي الله تعالى عنه، عن الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "صوم عاشوراء يكفِّر السّنة الماضية، وصوم عرفة يكفِّر سنتين: الماضية والمستقبَلة". وتعود أهمية عاشوراء إلى أنه اليوم الذي أغرق الله فيه فرعون مصر وجنوده، بينما نجى موسى ومن اتبعه من بني إسرائيل، حيث روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قدم النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوّهم، فصامه موسى - عند مسلم شكراً - فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأنا أحقّ بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه". وباختلاف الدول العربية تتنتوع بها الاحتفالات لذلك اليوم المميز، وترصد "الوطن" أبرز تلك الطقوس:
- المغرب: هي مناسبة للاحتفال والفرح والصوم والزكاة وشراء لعب الأطفال، رغم أن الدولة لم تجعل عاشوراء يوم عطلة، كباقي المناسبات الدينية الأخرى، إلّا أن هذه المناسية تخلد بشكل خاص لدى المغاربة، الذين يقيمون احتفالات راسخة قبل دخول الإسلام للبلاد وانتشار الديانة اليهودية بها، ومن بين أبرز تلك العادات هي عدم شراء الملح منذ بداية العام الهجري وحتى نهاية يوم عاشوراء، وانتشار "الفاكية" أي الفواكه المجففة المختلطة، التي تزين الموائد المغربية، كما تخلط مع الفستق والحلويات والحمص، كما تتضمن الاحتفالات أيضا التراشق بالماء في الشوارع وهو ما يعرف لدى المغاربة ب"التزمزيم" نسبة إلى ماء زمزم. ويحرصون أيضا على إيقاد النيران بالأحياء الشعبية المغربية، ويحوموا حولها ويقفزوا عليها، فيما يضربن النساء بأيديهن على الدفوف والطعارج والعزف بأهازيج من التراث. لم تقتصر الاحتفالت في المغرب على ذلك، حيث يحرص أفراد العائلة على شراء الألعاب المختلفة وإهدائها إلى الأطفال.
- السعودية: تختلف الاحتفالات بها عن سابقتها، حيث يكتفي أهالي السعودية بصيام تاسوعاء وعاشوراء، مع التسبيح والصلاة والذكر وقراءة القرآن الكريم.
- تونس: يتجمع الأطفال في الأزقة فيجمعون الحطب والأخشاب ويشعلون فيها النار، بعد أن يشكلوا دائرة حولها، وهم يرددون على إيقاع طبلة أو دف "عاشورا، عاشورا"، بينما يحص الأهالي في البيوت على ذبح الدجاج ليُقدم في الغداء.
- الجزائر: تتشابه احتفالات الجزائر مع تونس المجاورة لها، حيث تحرص النساء أيضا على طبخ الدجاج، بالإضافة إلى إعداد "هريسة عاشورا" لتوزيعها على الفقراء والجيران، كما يخضبن أيديهن بالحناء ويقصن أجزاء من شعرهن وأظافرهن.
- لبنان: وفي بيروت، خصوصا منطقة جبل عامل إبان الحكم العثماني، تقام الاحتفالات في جو من الضغط والخوف، بشكل شفوي الذي كان يقتصر على جلسات تروى خلالها سيرة الإمام الحسين وأهله في كربلاء.
- ليبيا: تحتفل الأسر الليبية بإعداد الولائم، وبخاصة في وجبة العشاء المشهورة والتي تطهي بها النساء الفول والحمص والبيض، وإهدائه للجيران، كما يتجول رجلا يسمي "الشيشباني" الذي يرتدي ملابس وقبعة من الخيش مع سلاسل من القواقع والمرايا ويمسك في يده عصا يرقص بها.
- الشيعة: بدأت احتفالاتهم بالعصر الفاطمي، فبحسب العقيدة الشيعية، فإن عاشوراء هي ذكرى مقتل الإمام الحسين، حفيد النبي محمد من ابنته فاطمة، الذي لقي حتفه سنة 680 ميلادية، وبدأت الطقوس تميل إلى العنف، خلال عصر الدولة "البويهية" التي حكمت غرب إيرانوالعراق، بعدما أمر حاكمها الدولة بإغلاق الأسواق في العاشر من محرم، وخرج وقتها النساء يلطموا الوجوه ويشقوا الملابس حزنًا على مقتل الحسين، وظهور مجالس التعزية، لمحاكاة الآلام التي عانا منها الحسين بمقتله، ومن هنا بدأت مظاهر الضرب بالسلاسل الحديدية على الظهر والسكاكين على الرأس، وتقييد أيدي النساء والزحف على أرجلهم. ويؤدي البعض الآخر مشهدا تمثيليا أمام الجماهير يجسدوا فيه معركة "كربلاء" التي قتل فيها الحسين، ويسمونه "موكب الحسين"، حيث يتم حمل السيوف والدروع وإسالة الدم مواساة له، إضافة إلى توزيع الماء للتذكير بعطش الحسين في صحراء كربلاء واشعال النار للدلالة على حرارة الصحراء كما يقوم البعض بضرب أنفسهم بالسلاسل. وتختلف طقوس الشيعة في الاحتفال بيوم عاشوراء، في العالم ويعد عطلة رسمية في بعض الدول ذات الأغلبية الشيعية مثل إيران، لبنان، البحرين، الهندوالعراقوالجزائر. وفي العراق، يبدأ مئات الآلاف من الشيعة في إحياء ذكرى عاشوراء في مدينة كربلاء حيث مرقد الحسين، وتقوم مواكب لمئات الرجال يرتدون ملابس بيضاء بممارسة شعائر التطبير بحز رؤوسهم بالسيوف والحراب قبل الضرب عليها وسريان الدم منها، ويحتشد حولهم آلاف الزوار عند مرقد الحسين، ويتحشد آلاف الزوار بلباسهم الأسود عند مرقد الإمامين يستمعون من خلال مكبرات الصوت، إلى سيرة معركة كربلاء، حيث قتل الحسين. وفي لبنان، يضرب الشيعة القامات باستعمال السيوف والخناجر لسكب الدماء وجرح الجسم، وفي مناطق أخرى بالسلاسل، وقراءة قصائد الحزن وكلمات الرثاء لآل البيت وسب آل أمية. بينما بالبحرين ودول الخليج، يغلق الشيعة من أصحاب الأسواق يومي تاسوعاء وعاشوراء، وتنتشر مواكب العزاء بالشوارع بينما يرفعوا الرايات، ويرتدوا عصابات الرأس الخضراء، والسوداء مكتوب عليها "يا حسينا".