حين وقف الرئيس السابق محمد مرسى أمام الجموع رافعا شعار «ما أدراك ما الستينات» بما يحمله من إشارات حول طبيعة المرحلة المضادة للإخوان وما لاقوه فيها من اضطهاد وتعنت، لم يكن يعلم أن اليوم نفسه سيأتى من جديد، وسيضطر أنصاره فى المقابل أن يرفعوا شعارا مشابها يحمل فحوى التهديد، حين قالوا «وما أدراك ما التسعينات». كلاهما يحمل المخاوف ذاتها، الكل يخشى من سقوط دماء أخرى، لكن كلا بطريقته، «ما أدراك ما التسعينات» عبارة قالها كلاهما، فيما حملت طرفى نقيض، يتذكر «محمود محمد» زوار الفجر الذين توالوا على منزله الصغير بحى المطرية طيلة التسعينات، للقبض على شقيقه الأكبر لسبب أنه أطلق لحيته فقط، حسب وصفه، معتبرا أن ما يحدث منذ عزل د. مرسى هو عودة لدولة القمع مرة أخرى، فى بداية العقد الأخير من الألفية السابقة كان «محمود» -الشاب العشرينى- لا يزال طالبا بالصف الثالث الإعدادى بينما يروى تفاصيل الوقائع كأنها الأمس «ما تعرفش يعنى إيه ضابط ملثم يدخل يرميك من على السرير وانت نايم عشان شاكك إن أخوك خطر على البلد»، بعين يملأها الأسى يحكى «محمود» عن الرعب الذى أصاب والده بالمرض جراء اتصالات جهاز الأمن الدولة بهم عقب اعتقال شقيقه «كانوا بيتصلوا بينا فى أنصاص الليالى وحد يقولك: أخوك بيموت، ادعيله»، قبل أن يوضح الشاب الذى طالما انتقد سياسات الدكتور مرسى أن كل ما يزعجه هو عودة القمع للمشهد المصرى، خاصة بعد ما سماه «غطاء شعبيا لمزيد من الانتهاكات». على أحد مقاهى وسط البلد كان «أحمد فوزى» يتابع أصداء الاحتفالات برحيل الدكتور مرسى، فيما اعتبره إنجازا لمواجهة الإرهاب، مؤكدا أن التصدى لجماعة الإخوان وقياداتها فى هذه الفترة واجب وطنى حتى لا نسمح بعودة «أحداث العنف فى التسعينات»، راويا إحساسه وقتها بأن الدولة تنهار أمنيا واقتصاديا بسبب ملاحقة الإرهابيين، حسب تعبيره، على حساب التنمية، موضحا أنه يرفض انتهاكات جهاز الشرطة وقتها، غير أنه يعتبر أن من أعطى الإشارة لها هم الجماعات الإسلامية ذاتها.