5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    أسعار الذهب اليوم في المملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن الأحد 20 أكتوبر 2024    الحكومة: استمرار رفع أسعار المواد البترولية حتى نهاية 2025    سعر التفاح والموز البلدي والمستورد بالأسواق اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    بيان عاجل من الدفاع المدني بغزة بعد استشهاد العشرات في بيت لاهيا    مجزرة بيت لاهيا.. استشهاد أكثر من 70 فلسطينيا وعشرات الجرحى والمفقودين    مستشار رئيس فلسطين عن قتل إسرائيل ليحيى السنوار: نتنياهو ليس له عدو شخصي    «حزب الله» يستهدف تجمعًا لقوات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة أبيريم برشقة صاروخية    يوفنتوس يهزم لاتسيو ويقفز لصدارة الكالتشيو    أبو جريشة رئيسا لقطاع الكرة بالإسماعيلى.. وعماد سليمان مشرفا على الفريق الأول    عبد الرحمن فيصل: بطولة إفريقيا هديتنا للجماهير    وزير الرياضة: تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص لتطوير البنية التحتية لمراكز الشباب    بسبب مكالمة هاتفية.. مقتل سائق على يد شقيقان وزوج شقيقتهم بشبرا الخيمة    مصرع شخص وإصابة 20 آخرين في حادث تصادم سيارة برصيف بالفيوم    ننشر أسماء ضحايا حادث تصادم ميكروباص بالرصيف في الفيوم.. 16 فتاة وسيدة و6 أطفال    ظاهرة ابيضاض الشعاب المرجانية تهدد العالم    المحامية مها أبو بكر: الابتزاز الإلكتروني يحتاج إلى آليات حديثة للكشف عن الجناة    شخص مقرب منك يحاول الابتعاد عنك.. برج الحمل اليوم 20 أكتوبر    التفاؤل وسيلتك لحل المشكلات.. توقعات برج الجدي اليوم 20 أكتوبر    صداع نصفي يصيب كندية بسكتة دماغية وشلل وعمى.. ماذا حدث لها؟    آخر موعد للتسجيل في الهجرة العشوائية إلى أمريكا 2025    بثنائية مبابي وفينيسيوس.. ريال مدريد يعبر سيلتا فيجو بالليجا    هشام يكن: الزمالك سيدخل لقاء بيراميدز بمعنويات عالية    موعد مباراة الزمالك وبيراميدز والقنوات الناقلة في كأس السوبر المصري 2024    الزمالك 2009 يهزم سيراميكا كليوباترا في بطولة الجمهورية للناشئين    حقيقة تبكير صرف رواتب المتقاعدين في السعودية لشهر نوفمبر 2024    وزراء دفاع مجموعة السبع يعقدون اجتماعا فى نابولى لبحث تعزيز التعاون الأمنى ودعم أوكرانيا    خبير عسكري عن اغتيال السنوار : لن يقضي على حماس    سيلتا فيجو ضد الريال.. الملكي يحسم المباراة 2 - 1 ويزاحم برشلونة على الصدارة    «عبد العاطي» يجتمع بإدارة السودان بوزارة الخارجية للتشاور حول مستجدات الأزمة الحالية    تقلبات جوية تشهدها السعودية..الموعد الرسمي لبداية الشتاء    السيارة اصطدمت بالكارتة.. إصابة 3 أشخاص بالمنيا الجديدة    لماذا رفضت المحكمة إلزام إمام عاشور بدفع 5 ملايين جنيه لفرد الأمن بواقعة خناقة المول؟ (انفراد)    شروط تمديد تأشيرة العمرة بالسعودية 1446    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    تامر عاشور يطرب جمهور مهرجان الموسيقى العربية بأغنية هيجيلى موجوع    تامر عاشور يتألق بأغنيتى "كان موضوع" و"تسلم" بحفل مهرجان الموسيقى العربية    الغرف السياحية: رحلات طائرات الباراموتور تسلط الأضواء على الأقصر كمدينة سياحية    حدث بالفن| وفاة والدة فنانة وخالد الصاوي يحذر من حقن التخسيس لهذا السبب    مين فين ؟    القنصل العام فى شيكاجو يحتفل بأبطال الفيلم الوثائقي المصري «رفعت عيني للسما»    انقطاع مياه الشرب عن قرية جزيرة الشعير بالقناطر الخيرية 6 ساعات اليوم    «مش هفتح بطني عشان بُقي».. خالد الصاوي يرفض عمليات التخسيس|وهذه أهم المخاطر    بالصور.. احتفالية لتكريم حفظة القرآن الكريم بالمنيا    أمين «البحوث الإسلامية»: شرف العمل الدعوي يتطلب الإخلاص    رمضان عبد المعز: أعظم نعمة من ربنا على الإنسان الإيمان ثم العافية    نائباً عن السيسي.. وزير الأوقاف يصل إندونيسيا للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    أستاذ حديث بجامعة الأزهر: صحيح البخاري يمثل الركن الأول من السنة النبوية    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    مدبولي: استثمارات العام المقبل موجهة ل«حياة كريمة»    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    جامعة قناة السويس تنظم برنامجاً تدريبياً لطلاب STEM حول تصميم وتنفيذ كوبري مائي متحرك    "صناع الخير" تدعم صحة أطفال مدارس زفتى في حملة "إيد واحدة لمصر"    مدبولي: نحرص على متابعة تنفيذ مشروعات تطوير الخدمات الطبية لكونها تأتي على رأس أولويات عمل الحكومة    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سفير أمريكا.. بالألوان
نشر في الوطن يوم 21 - 07 - 2013

ما زالت السيدة «آن باترسون» سفيرة الولايات المتحدة بالقاهرة مُصرّة على أن تلعب دورها الكريه، وأن تبذل جهودها المقيتة للتدخل فى الشأن الداخلى المصرى، ودعم ذلك الفصيل المتخلف الفاشى الذى قفز إلى السلطة لحظة انتشاء المصريين بنجاحهم فى إسقاط النظام المباركى فى يناير 2011.. وتَسَلَّط بغطرسة وعناد على رقاب العباد.. ودفع مصر وشعبها ومقدّراتها ومكانتها إلى هاوية دفعت عشرات الملايين من أبناء الشعب بمختلف طبقاته وأطيافه لأن تنتفض ثائرة فى 30 يونيو مطالبة بإسقاط دولة الخفافيش، مما أزعج الإدارة الأمريكية التى راهنت على هذا الفصيل المتأسلم لحماية مصالحها فى المنطقة، وبدت تحركاتها الدبلوماسية خشنة وصفيقة يحركها صلف القدرة وغرور القوة، على عكس ما يذكرنا به ذلك الكتاب النفيس الذى صدر منذ أكثر من نصف قرن ليكشف الدور المشبوه الذى تلعبه السينما الأمريكية، كسفيرة ناعمة، تتسلل أفكارها إلى عقل ووعى الشعوب، ويحذر من مغبة الانصياع لها واختلاس تلك الأفكار المسمومة كما يصفها مؤلف الكتاب الفنان التشكيلى والكاتب والناقد والمخرج السينمائى كامل التلمسانى (1915- 1972) فى كتابه «سفير أمريكا بالألوان الطبيعية» الذى صدرت طبعته الأولى عام 1957 وأعادت مكتبة الأسرة نشره فى الفترة الأخيرة.
كان «التلمسانى» صاحب بصيرة نافذة، ورؤية واعية، وقدرة على استشراف المستقبل تجعل الكتاب معاصراً بأفكاره وأطروحاته حول الدور الذى تلعبه السينما فى إعادة تشكيل الوعى واستغلال صنّاع السينما الأمريكية لها فهم يهدفون «بأفلام هوليوود إلى توجيه شعوب العالم إلى حيث تريد البنوك وتريد حكومة واشنطن الممثلة لهذه البنوك».
كامل التلمسانى واحد من كبار المثقفين والفنانين المصريين فى أربعينات وخمسينات القرن الماضى، عشق الفن التشكيلى وشارك فى تأسيس «جماعة الفن والحرية» ومارس الكتابة الصحفية بمجلة «التطور» ثم اتجه إلى السينما عام 1943 والتحق ب«استوديو مصر» ومن خلاله قدم فيلمه الأول «السوق السوداء» إحدى كلاسيكيات السينما المصرية والفيلم المؤسس لتيار الواقعية فى هذه السينما، كما مارس النقد السينمائى وأصدر كتابيه «سفير أمريكا» و«عزيزى شارلى»، وفى كل نشاطاته كان المثقف الفنان صاحب الرؤية اليسارية التى حاول بشتى الوسائل الفنية أن يصل بها إلى الجماهير.
يكشف «التلمسانى» عن منهجه الذى يربط بين القضية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والفن، من خلال تحليله لأفلام الجريمة «التى تزيف الحقائق وتحاول تبرير الجرائم بنسبتها إلى شذوذ خاص بالمجرم الذى يرتكبها، شذوذ فى طبيعة تكوين البيئة والمجتمع الذى يعيش فيه المجرم»، ويوضح أن «الجريمة هى ثورة الفرد على المجتمع الذى أخطأ فى خلقه» فالنفس المجرمة عند التلمسانى «لا توجد إلا حيث يُظلُّها المجتمع المجرم، والمجتمع المجرم هو من خَلْقِ النظام الاقتصادى الذى يُسيِّرُه»!
يتناول المؤلف عمليات التغييب والاستلاب التى تتم للمتفرج بتزييف الواقع الذى يعيشه وطرح الأحلام الوردية كبديل من خلال سينما الجنس والمخدرات والكوميديات الهزيلة والفرار من الواقع وحل التناقضات الطبقية حلولاً فردية سهلة، وهو ما تقدمه السينما المصرية -ربيبة السينما الأمريكية- فى معظمها حتى الآن، عدا الهامش المحدود الذى انتزعه شباب السينما المستقلة وتيار الواقعية الجديدة.
من أمتع فصول الكتاب فصلاه الأخيران، الخامس والسادس، حيث يناقش فى الخامس موضوعى الحرب والحرية، وهما موضوعان مهمان فى الحياة الأمريكية، فكل حرب كانت عند الأمريكيين -وما زالت- هى دفاعاً عن الوطن سواء كانت ضد الهنود الحمر أم ضد الكوريين والفيتناميين، أم ضد أفغانستان والعراق وليبيا حالياً، فالحرب فى نظر هوليوود -والفن يتبع السياسة ويروج لها- مجرد نزهة خلوية يذهب إليها الجندى الأمريكى ليتسلى قليلاً بقتل بعض المتخلفين.. ثم يعود منتصراً، فأمريكا -فى السينما- هى دائماً القوة التى لا تقاوم!!
وعن الحرية يذكرنا «التلمسانى» بما فعلته لجنة النشاط المعادى الشهيرة بلجنة مكارثى تجاه مجموعة من الفنانين الأحرار الشرفاء الذين كانوا يعارضون السياسة الأمريكية التى تقوم على العنصرية وفرض القيود على الفكر وتحكم الرأسمالية الاحتكارية فى مصائر الشعوب والتى لا تتورع عن التدخل فى شئونها الداخلية وهو ما تفعله الإدارة الأمريكية حتى الآن فى مختلف أنحاء العالم، وخاصة منطقة الشرق الأوسط، التى حولتها إلى ساحة للحرب الأهلية من أجل إضعافها وتبديد مقدراتها وجعلها أسيرة للدعم الأمريكى -الوهمى- الذى يُنفق معظمه على عملائهم ومندوبيهم.
فى آخر فصول الكتاب القديم -الجديد- يعالج مأساة الفيلم المصرى الذى يرى أنه يعتمد بشكل أساسى على الفيلم الأمريكى سواء بالاقتباس أو الاختلاس، أو كما سماها «الاختباس»، ويحذر من أن هذا «الاختباس» يتعدى من الشكل إلى مضمون الفيلم نفسه، فالأفلام المصرية بعد «هلودتها» تتحول إلى مسخ يروج لأفكار هوليوود بكلمات عربية، ويؤكد أن الفكر هو الجوهر، فلسنا فى حاجة ماسة إلى التكنولوجيا الحديثة بقدر ما نحتاج إلى الفكر الناضج.
«سفير أمريكا» واحد من أهم الكتب فى حقل الثقافة السينمائية ويعد -تقريباً- أول كتاب يقدم نقداً علمياً تقدمياً منهجياً سواء فى الجانب النظرى أو التطبيقى، ويشير رغم مرور السنوات إلى أن السفارة الأمريكية، أو السفارات الأمريكية، بمسئوليها هى ليست فقط المسئولة عن ترويج السياسة الأمريكية، بل إن السينما هى أخطر سفير لأمريكا.. بالألوان!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.