ما حدث يوم 30/6 هو سقوط مادى لجماعة «الإخوان» من السلطة، لكن، وهو الأهم، سبق هذا السقوط سقوط أخلاقى هو الذى مهد فى الحقيقة للسقوط من السلطة ومن قلوب الناس، وحتى لو رجع «مرسى» رئيساً فماذا عن معالجة الانحراف الأخلاقى البعيد تماماً عن معالم الجلال والشموخ فى الدين؟ هذا مقال يجمع بعضاً من قاموس الألفاظ التى يطلقها من يزعمون أنهم مدافعون عن الشريعة، إنها ألفاظ جرت على ألسنة المؤتمنين على الشرع والمؤتمنين على الحفاظ على أخلاق النبوة، إنه قاموس لم أرجع فيه للمقالات والفيس بوك وتويتر، ولو رجعت إلى كل هذا لجمعت لك قاموساً آخر أعم وأضخم. إليكم «بعض» وليس «كل» الكلمات الصادرة من قاموس شتائمهم التى قالوها فى سياق خدمة الدين! مع الاعتذار للقارئ، لكن ناقل الكفر ليس بكافر: «حمير، خنازير، سفلة، واطى، جبان، أوساخ، كلاب، قمامة، زبالة، أراجوزات، حيوانات، المجارى التى طفحت فى بيوت مصر، مش متربى، معندوش دم، أمه اللى فى البيت مربتوش، حرامية، بهائم، ديوث، خونة، ملوثين، منحطين، جاهلين، صايع، أنجاس، أقذار، قرف، معفن، عملاء، طبالين، رقاصين، خانعين، مسخ، مولود ميت، سفيه، حقير، بذىء، جزمة، فاجر، فاسق، مكّار، عيال، قردة، مسيح دجال، هم العبيد ونحن الأسياد، سنضعهم تحت أقدامنا، سنقطعهم ونعلقهم فى المشانق، سندوس عليهم بالحذاء، من يرشنا بالماء نرشه بالدم، الجزمة أنظف منهم». وهاك بعض الملاحظات: 1 أن هذا خطاب صدر ممن يقولون: «القرآن دستورنا، والرسول زعيمنا»، وممن يعتصمون لنصرة شرع الله. 2 أن قاموس الشتائم خرج فى سياق الدفاع عن الإسلام! وأنه أخذ غطاء شرعياً، فسبقه حديث عن الشريعة ولحقه حديث عن تطبيقها وبينهما هذا القاموس، والغريب أن بعض هذه الألفاظ لما قيلت قابلها شباب الجماعة بهتافات عالية مؤيدة تقول: «إسلامية إسلامية، الشعب يريد تطبيق شرع الله»! 3 أن قاموس السباب لم يوجه إلى أشخاص زعموا أن لله ولداً، وأن القرآن أساطير الأولين، بل خرج لوصم أناس مسلمين اختلفوا معهم فى المواقف السياسية والاستحقاقات الوطنية. 4 أن هذا القاموس مستخلص من كبار قيادات الإخوان وكبار الموالين لهم، وليس من شباب يمكن القول إنه متسرع ومتهور. 5 فضلت أن يخلو هذا القاموس من الشتائم الخاصة بالإيحاءات والتلميحات الجنسية، وهى فى كلامهم موجودة، ينطقون بها، ويهتكون بها عرض المخالف باسم الشرع. كما خلا القاموس من الشتائم غير المباشرة المستخدم فيها النصوص المقدسة، مثل أن يأتى قيادى منهم ويكتب آية: «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ»، يصف بها المعارضين له فى سياق سياسى، مع أنها نزلت فى سياق عقائدى للكفار المنكرين للوحدانية. كما خلا المقال من الشتائم الخاصة بالوصف العقدى مثل: كافر، ملحد، عدو الإسلام.. وكل نوع من هذه الشتائم كفيل بملء مقال منفرد. إنهم بهذا القاموس يرتكبون جريمة كبرى اسمها «شرعنة الفحش» أو «شرعنة البذاءة»، بمعنى إعطاء صبغة شرعية للكلمات الفاحشة والبذيئة التى تنفر منها الطباع السليمة، وأخطر أنواع الفحش أن يكون باسم الله، لأنه فى نظر من ينفذه حلال. ولا يقال إن المعارضة تستخدم مثل هذه الألفاظ، فالمعارضة لا تقول إنها تريد تطبيق شرع الله من خلال هذه الألفاظ، ولا تقول إن تصرفاتها منضبطة بشرع الله كما يقول هؤلاء. والحاصل أن جماعة «الإخوان» ستظل فى سقوطها الأخلاقى ما دام خلا قاموسهم من دعوات تحرك القلب، وتصنع وراثة النبوة، وترتقى بالمستمع فى اتساق وربانية ومحمدية، وما دمنا لم نشعر أن ألفاظهم موصولة بالله ونازلة من مقام الألوهية لمخاطبة الناس.