استبعد خبراء أن ينتهى دور المجلس العسكرى اليوم مع تسليم الرئيس المنتخب السلطة بعد أدائه اليمين أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، وقال مصدر مسئول بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة إن قرار حل البرلمان هو ما دفع المجلس للاستمرار فى المشهد الداخلى، لأن الحكم بعدم دستورية قانون انتخابات مجلس الشعب خلق فراغا تشريعيا لا يمكن أن يشغله رئيس الجمهورية لأنه بذلك سيجمع بين سلطتين وبالتالى تولى «العسكرى» مهمة التشريع حتى يحدث توازن فى السلطات لحين تشكيل البرلمان الجديد وحتى لا يخلق من رئيس الجمهورية ديكتاتورا جديدا يسخر التشريع لصالحه. وأكد المصدر أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيكون له أدوار أخرى خلال الفترات المقبلة لا تنتهى بتشكيل البرلمان الجديد وأهمها ضرورة موافقته على نزول القوات المسلحة لتأمين الجبهة الداخلية حتى لو قرر رئيس الجمهورية ذلك وأيضا تحديد استراتيجية القوات المسلحة وما يتعلق بقرارات الحروب التى لا يمكن أن تتم سوى بعد موافقة المجلس أيضا، بالإضافة إلى ما يتعلق بميزانية القوات المسلحة واختيار قيادتها وغير ذلك. ولفت المصدر إلى أنه فى إطار البحث عن دور أكبر فى حماية الوطن حرص المجلس العسكرى على أن يكون له أغلبية فى مجلس الدفاع الوطنى والذى سارع فى تشكيله قبل إعلان اسم الرئيس الجديد. وفى هذا الإطار يوضح اللواء عبدالمنعم سعيد -الخبير العسكرى والاستراتيجى- أن المجلس العسكرى كانت له مهام كثيرة قبل الثورة لكنه كان دائماً بعيدا عن الصورة أو وسائل الإعلام ومع وقوع ثورة 25 يناير وتكليفه بإدارة شئون البلاد تولى أغلب مهام سلطات الدولة مثل التشريع ووضع الدستور وتشكيل الحكومة وقرارات تعيين كبار الموظفين فى الدولة وتمثيل مصر أمام العالم الخارجى علاوة على المشاركة فى تأمين الجبهة الداخلية. ولفت سعيد إلى أنه بانتخابات رئيس الجمهورية تقلص دور المجلس العسكرى وبدأ ينكب مرة أخرى فى الأمور المتعلقة بالأمن القومى والاستراتيجى للدولة ولكنه لن يقبل بأى شكل من الأشكال تحجيم دوره وسيظل دائما عينا مراقبة لصد أى مخاطر تهدد البلاد سواء فى الجبهة الخارجية أو الداخلية ولن يكون منعزلا عن الأوضاع السياسية وتطورها وقد يتدخل إذا رأى أى مخالفة للدستور أو حدوث توتر داخل المجتمع المصرى. واستبعد اللواء عبدالمنعم سعيد أن يكون هناك أى أطماع من المجلس العسكرى فى الاستمرار فى السلطة بنفوذ يعوق صلاحيات رئيس الجمهورية ولكنه سيحافظ على توفير صلاحيات رئيس الجمهورية ولن يسعى للصدام مع مؤسسة الرئاسة لأن المجلس العسكرى كان حريصا على إجراء انتخابات حرة ونزيهة ولن يرضى أى أحد أو جهة حدوث انقلاب من «العسكرى» على رئيس الجمهورية. اما اللواء عبدالمنعم كاطو -الخبير العسكرى والاستراتيجى- فيؤكد أن القوات المسلحة سترجع لثكناتها بالفعل ولن تعود لتأمين الجبهة الداخلية إلا بعد موافقة المجلس العسكرى حسب الإعلان الدستورى المكمل كما أن المجلس باق بتشكيله الحالى إلى أجل غير مسمى ولا يستطيع رئيس الجمهورية تغييره أو إضافة أى تعديل عليه. وأوضح أن المجلس العسكرى فى هذة الفترة سوف يهتم بالشئون الداخلية للقوات المسلحة واختيار قادتها وتعيينهم وتحديد احتياجاتها من أسلحة وغير ذلك. وألمح كاطو إلى أنه ليس معنى تخلى المجلس العسكرى عن السلطة أنه سيكون بعيدا عن الأوضاع السياسية والتنفيذية فى البلاد لأن قيادة العسكرى للبلاد تتطلب التداخل مع كافة السلطات والمؤسسات التنفيذية فى الدولة ويزيد هذا النفوذ فى ظل التوترات التى تشهدها المنطقة حاليا واحتمالية اندلاع حرب أو صراع مع أى دولة أخرى. ويقول اللواء فؤاد علام -الخبير الأمنى- إن الدستور الجديد هو الذى سيحدد دور المجلس العسكرى خلال الأيام المقبلة ومن يسيطر على أعضاء الجمعية التأسيسية هو من سيضمن لنفسه صلاحيات ودورا أكبر. وفى هذا السياق يؤكد الدكتور رفعت السعيد -رئيس حزب التجمع- أن دور المجلس العسكرى فى الفترة المقبلة وبعد تسليم السلطة سوف تحدده حرب المصالح المشتركة والتحالفات بين القوى الحاكمة، مضيفا أن جماعة الإخوان المسلمين سوف يخلقون صراعا مبكرا مع المجلس العسكرى من خلال استغلالهم لميدان التحرير والحركات الثورية للضغط على «العسكرى» والمطالبة بتقليص صلاحياته تدريجيا وسوف يحاول قادة الإخوان وعلى رأسهم رئيس الجمهورية محمد مرسى -حسب قول السعيد- أن ينافقوا مرة ويهاجموا مرة أخرى عملا بمبدأ «مسك العصاية من النص» وهو ما سيخلق صراعا محتدما فى وقت قريب مع «العسكرى» الذى لن يتنازل عن سلطاته بسهولة. أما الدكتور عبدالرحمن البر -عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين- فيقول: «على المجلس العسكرى أن يفى بكلمته أمام الشعب وألا يحاول الاستمرار فى السلطة بشكل أو بآخر حتى يسجل التاريخ موقفه وإذا فعل غير ذلك سوف يواجه عواقب سيئة».