ها هى صناعة التطرف تظهر وجهها العنيف والمقيت مجدداً وتوقع ضحايا، منتهكة للحق فى الحياة ولحرمة الدماء ولحرية ممارسة الشعائر الدينية. ها هم شيوخ التطرف، الذين مكنتهم وسائل إعلام فاشية الخطاب واللغة والمضمون من استباحة المساحة العامة المصرية، يحققون أهدافهم بترويع المجتمع، زيفاً وبهتاناً باسم الدين، وبالانقصاض على المصريات والمصريين بأسلحة التكفير والإقصاء والشحن المذهبى والطائفى تارة ضد الأقباط، وتارة ضد الشيعة، وتارة ضد البهائيين، وتارة ضد المجتمع بأسره حين يبتعد عن دوائر تطرفهم. ها هم الظلاميون من سلفيين متشددين والمذهبيون والطائفيون فى صفوف الجماعات الدينية المتطرفة يواصلون جر مجتمعنا خلال العامين الماضيين إلى حصاد المذهبية والطائفية المرير من تدمير كنيسة أطفيح وكنيستين فى إمبابة ومذبحة ماسبيرو إلى جرائم الخصوص والاعتداء على الكاتدرائية والهمجية فى «أبوالنمرس». هؤلاء الظلاميون، مهما حاولوا اليوم التنصل من المسئولية والخروج على الرأى العام ببيانات تنديد وإدانة، هم بخطابهم الفاشى وممارساتهم الرديئة القوة المحركة للعنف المذهبى والطائفى ويتحملون أمام الضمير الإنسانى والوطنى المسئولية الكاملة عن «أبوالنمرس» وكل ما سبقها وما سيليها من جرائم. ها هى أحزاب وتيارات اليمين الدينى، التى داومت توظيف الإقصاء باسم الدين والشحن المذهبى والطائفى فى الاستفتاءات والانتخابات خلال العامين الماضيين وفى تهديد المصريات والمصريين زيفاً باسم الإسلام فى كافة لحظات الحراك المجتمعى والسياسى، تقف أمام مرآة الضمير الإنسانى والوطنى وهى مجردة من كل القيم والمثل العليا التى تصبو إليها مصر. ها هى أحزاب الفاشية التى كشفت عن وجهها الحقيقى بتكفير المعارضين فى مؤتمر «نصرة سوريا» وبخطاب السحل إزاء المصريات والمصريين فى جمعة «لا للعنف» تصل بنا بترويجها للمذهبية وللطائفية مجدداً إلى محطة دامية بقتل المواطنين الشيعة فى «أبوالنمرس». ها هى أحزاب القضاء على الحريات الدينية فى دستور 2012 المشوه إلا للمسلمين المختزلين فى السنة فقط وللمسيحيين ولليهود تدفع بمجتمعنا إلى رفض التنوع والتعددية وهما مكونان أساسيان فى مصر على مدار تاريخها الطويل. ها هو رئيس التكفيريين والمذهبيين والطائفيين المنتخب، وبعد أن صمت عن التكفير فى مؤتمر «نصرة سوريا» ورحب بتهديد الشعب بالسحل فى جمعة «لا للعنف» ورفض الانتصار رمزياً وسياسياً للتنوع والتعددية (لا بزيارة كنيسة ولا بخطاب مقنع يرتكز إلى قيم مواطنة الحقوق المتساوية)، يصل بنا إلى محطة إخفاق أخرى مع «أبوالنمرس». مصر تحتاج للتنوير وللمواطنة ولاحترام الآخر ولقبول التعددية وللدفاع عن الحقوق والحريات بديمقراطية، وكل هذا لن يتأتى مع رئيس انتخب فلم يفعل إلا إحداث المزيد من الفرقة والانقسام والتعصب. الانتخابات الرئاسية المبكرة هى وجهة الباحثات والباحثين عن التغيير فى مصر.