من سُبل التهديد التى تتبعها جماعة الإخوان وأتباعها للشعب أنه فى حال خلع مرسى فإن أى رئيس بعده لن يستمر لأنهم سوف يخلعونه (مرسى أو الفوضى). وهذا منطق طفولى يجهل أو يتجاهل أسباب الغضب الشعبى، ويفترض أن الناس تتحرك من ثباتها واستقرارها بدعوة أى داع أو محرض ضد نفسها وليس نتيجة أسباب واقعية كارتفاع الأسعار وزيادة البطالة وسوء الخدمات والعجز عن تقديم ما يثبت الإنجاز فى الحاضر والمستقبل. الواقع المر وتهديد الحرية والمستقبل أقوى من أى دعوة أو دعاية. لقد منح الشعب الصبور تأييده للدكتور مرسى بنسبة 78% فى أغسطس الماضى حسب استطلاعات الرأى، مما يعنى أن الناس تبعته طوعاً ليعمل وتعاونه، فماذا فعل بهذا التأييد؟ لقد انغمس قبل أى شىء فى ترسيخ استبداده وزرع جماعته عنوة فى أركان الدولة للسيطرة عليها، وخاض من أجل ذلك معارك مع مفاصلها وعقولها وطوائفها، فانفض الشعب من حوله لتصل نسبة مؤيديه (جماعته وتابعيها) إلى 27%! مما يدل على أن شعبنا فطن ويدرك ما هو فيه وما هو مقبل عليه، وأن صبره لم يعد كما كان، ويرفض اتخاذه معمل تجارب، لم يدرك الحاكمون ذلك، وتصوروا أن المسألة جمع أوراق تجرد أمام أوراق تمرد! منكرين الواقع الذى يزداد بؤساً على بؤس، ومنكرين فشل الرجل وخطورة ضعفه على الأمن القومى. الشعب لا يخرج بالطلب بل بالغضب. يتغافل الحاكمون أنهم باطلون بالجمعية التى أسست الدستور وحصّنت مدة الرئاسة بمادة فيه. الآن قد صرنا ليوم معلوم نقول فيه لمن حنث باليمين وصار المسئول الأول عن قتل معارضيه: وجودك يضر البلاد، وما صنعته يلزمك بالرحيل، ولم يعد أمامنا خيار للثقة بك، وأنت لم تصدق فى وعد. إن رحيلك سيُخرج 3560 متظاهراً، وفيهم أطفال ونساء، من سجونك، رحيلك سوف يمنع أى رئيس قادم أن يتصرف وكأن البلاد شقة يتملكها مع جماعته، البلاد لكل المواطنين، رحيلك سوف يُلزم من يليك بأن يلتزم بما أقسم عليه ولا يخرج عن دستور وقانون، سوف يمنعه من أن يقبل بتكفير معارضيه بينما يجلس وسط قتلة منتشياً أنه يحكم شعباً نصفه من الكفار، يطلق عليهم أتباعه للضرب والخطف والقتل، شعباً كان واحداً فهدد أمنه القومى بشطره وتضارب سياسته الخارجية. رحيلك سوف يجعله يفكر فى حل مشاكل شعبه الفقير الملحة لا أن يستولى بالسلطة على الخبز لجماعته ويستخدمه طُعماً طمَعاً فى أصوات الناخبين كما يفعل فى أنابيب البوتاجاز والوظائف التى يمنحها لأتباعه الخائبين. لن يسمح من بعدك بانتهاك حدود بلاده لا من الأرض ولا من تحتها ويتغافل عن تهريب مواد مدعمة وسيارات مسروقة ورجال مطلوبين للعدالة وأسلحة، الرئيس القادم لن يفكر فى ضم القضاء والشرطة والإعلام والجيش والأزهر لمحفظته ولا أن يحصن نفسه ومدته بدستور على هواه. حين يخلعك الشعب سيكون من بعدك حتماً مستقيماً كما نريده، فإن لم يكن، خلعناه مع تابعيك، ما المانع؟