حين تريد الأمم نهضة شعوبها، تسارع إلى الثقافة، تنميها، تزرعها فى المواطنين، إذا انتشرت الثقافة زاد الوعى، لكن الوعى خطر على النظام الحالى؛ لذا اختار «قنديل» وزيراً قادراً على محو الثقافة وتدمير الوعى، عبر علاء عبدالعزيز. يتلخص تاريخ عبدالعزيز فى أنه تخرج فى المعهد العالى للسينما بأكاديمية الفنون عام 1985، وحصل على درجة الدكتوراه عام 2008، أى بعد 23 عاما من تخرجه، ويبلغ من العمر 51 عاما وآخر منصب عمل فيه كان عضوا بهيئة التدريس بالمعهد العالى للسينما بأكاديمية الفنون، قسم المونتاج، أما الأهم فى مسيرة «الصعود المفاجئ» للرجل، أنه نشر مقالا على بوابة «الحرية والعدالة»، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين وحزبها، فى الأول من يناير الماضى كان بوابة وصوله لوزارة الثقافة؛ حيث كتب يهاجم التظاهرات المناهضة للجماعة. على خطى رئيسه محمد مرسى، يسير وزير الثقافة، يصرح بأنه سيغير اسم مكتبة الأسرة ثم يعود وينفى أنه قال ذلك، ثم يؤكد عدم وجود أى نية لإقالة رئيسة الأوبرا وبعد أقل من 48 ساعة يخرج علينا بقرار إنهاء انتدابها، ينفى تماما ولاءه للإخوان ويقيل كل من يعارضهم، يقرب له ذوى الحظوة ورفاق الدرب والموالين للإخوان، ويعزل كل من يقف أمام قراراته. لا يحبه المثقفون، يسارعون بتقديم استقالاتهم واحداً تلو الآخر هرباً من العمل معه، أدلى سامح مهران، رئيس أكاديمية الفنون، بأحاديث مفادها أن ثمة «سى دى» يصور الوزير فى وضع مخل مع إحدى طالبات الأكاديمية ليعرف بالوزير الثقافى. وأمام سلسلة الفضائح التى لحقت به عقب توليه الوزارة لم يجد «عبدالعزيز» بداً من المضى والانتقام من كل من عارضوا وجوده فى الوزارة وتنفيذ مخطط الأخونة المرسوم مسبقا، لكن تنفيذه كان هو الأغرب؛ فعلى طريقة أفلام الحركة أقال نصف قيادات الوزارة فى أسبوع ولأنه لم يجد سببا قانونيا أو إداريا لإقالتهم، خرج علينا ببيانات تؤكد أنه سيعلن أسباب الإقالات المتتابعة بعد قليل ليجلس المهتمون فى انتظار هذا القليل وتأتى المفاجأة فى النهاية: الإقالات جاءت لضخ دماء جديدة فى الوزارة تتماشى مع الثورة. تناسى «عبدالعزيز» أن أغلب تلك القيادات تولت مناصبها عقب الثورة.. أما الأغرب فكان أن الوزير عين أشخاصا محالين للتحقيق أو سيخرجون للتقاعد بعد أقل من شهرين. وزير يبدو كأنه معصوب العينين، ينفذ ما يملَى عليه، وهو ما دفع بأغلب مثقفى الوزارة وفنانيها إلى الاستقالة، معلنين رفضهم العمل مع «مونتير سينمائى» يتلخص تاريخه فى المساعدة فى فيلم تجارى وآخر مجهول ومؤلفات سينمائية ونقدية، بحث عنها المثقفون فى الأسواق ولم يجدوا لها أثراً، يغلق «عبدالعزيز» الأوبرا، لتنطفئ جذوة المبنى التاريخى، ويعتصم العاملون على خشبة المسرح لحين رحيل وزير ال«سى دى».