قال الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى: "إن ما يشهده العالم العربي من تطورات لا يمكن على وجه اليقين تحديد نتائجه سواء على المدى القريب أو البعيد وإن كان هناك في الواقع الحاضر وعلى المدى القصير أحداثا يشوبها التوتر وقلقا على مصير الدول العربية ومجتمعاتها". وأشار موسى، الذي يزور لبنان حاليا، في محاضرة ألقاها اليوم بجامعة التكنولوجيا والعلوم التطبيقية اللبنانية الفرنسية حول "مستقبل الشباب العربي"، إلى أنه مع بداية عام 2011 شهد العالم ثورات متتالية شكلت حركة تاريخية خاصة أسماها الغربيون "الربيع العربي" وغيرهم أسماها بالانتفاضة أو الثورة، والأفضل تسميتها بحركة "التغيير العربي". وقال: "إن هذه الثورة كانت متوقعة وضرورية بسبب الحكام الديكتاتوريين ونقص الكفاءة وعدم قراءة حركة التاريخ ومسيرة العالم المعاصر من حولهم ولم يدركوا أن القرن له مطلباته المختلفة وهو يختلف عما تعودوه وما مارسوه". وشدد موسى على أنه لا بد من نظام عربي جديد لا يكون مغلقا على نفسه بل يسمح بفتح نوافذ على العالم من حوله، ويعمل على تأكيد الدور العربي في المحيط وتحديد العلاقة مع إيران من جهة وإسرائيل من جهة أخرى مع المفارقة بين البلدين وتركيا من جهة والدول الإفريقية من جهة، مع الأخذ في الاعتبار ضوابط المصلحة العامة والأمن العربي. وتطرق إلى تصاعد التيارات الدينية في العالم العربي، معتبرا أن التيارات السياسية والدينية مرتبطة بتطورات العصر وتحتاج للتماهي مع عناصره وقيادة البلاد بحنكة نحو المستقبل. وأكد موسى أن الانتماء للإسلام المنفتح لابد أن يكون الشريك مع الآخر صاحب القدرة على الإسهام في تحقيق أمن واستقرار الشعوب. كما تناول موسى الوضع الاقتصادي المتردي في البلدان العربية، ورأى أن إصلاح الوضع على كافة المستويات في مصر لاسيما الاقتصادي منه، له الأولوية ويحتاج إلى جهد كبير وتحالف وطني وخطة واضحة لتشجيع الاستثمارات وتحريك العجلة الاقتصادية وغيرها. ثم توقف عند الوضع السوري، معتبرا أن حل الأزمة فيها يشكل جوهر التغيير الاستراتيجي في المنطقة لذلك كان بطء باتخاذ القرارات المصيرية لأن فيه رسم جغرافي جديد للمنطقة، مما أحدث اضطرابات لأولئك الذين يرسمون خرائط العالم. وقال موسي: "إن المشكلة ليست مشكلة حكم فقط بل مستقبل سوريا ككيان ومن المصلحة بقاء هذا الكيان دون تقسيم أو شرذمة لأن ذلك إذا حدث سوف تقع به أكثر دول المنطقة ولن ينجو أحد من مؤامرة التقسيم"، محذرا من الحديث عن تقسيم سوريا لأنه سينسحب على كل المنطقة. ودعا الجامعة العربية لتعبئة جميع أعضائها والتقدم كمجموعة لمجلس الأمن الدولي للنظر بالمسألة السورية وليس للدخول في حل فوري إنما للتمهيد لشراكة عربية دولية من الناحية الاستراتيجية. واعتبر موسي أن الأمر يحتاج لنقاش حول الوضع الاستراتيجي لتسوية المشكلة السورية بأقل كلفة على المنطقة التي يجب أن تعيش بسلام مع جيرانها العرب ويساهموا في تشكيل النظام العربي الجديد. ولفت إلى ما حملته الأنباء عن نشاط أمريكي جديد لإخراج الحالة الفلسطينية من جمودها، مؤكدا أن هذا أمر محمود إلا أن من أهم شروطه الموضوعية والضرورية عدم المساس بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته بما فيها القدسالشرقية التي يجمع العالم في معظمه على أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية.