قالت الخبيرة الاقتصادية، الدكتورة سلوى العنتري، إن أكثر ما يقلقها فى المشهد الاقتصادى الآن هو الآثار المؤلمة لبرنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادى على محدودى الدخل والمنتجين. وأوضحت أن الإجراءات التى اتفقت «حكومة إسماعيل» عليها مع صندوق النقد، وحصلت بموجبها على قرض ال12 مليار دولار أملاً فى إصلاح الاختلالات الهيكلية مثل عجز الموازنة كمقدمة لإنعاش اقتصادنا، تؤدى بطبيعتها لانكماش الاقتصاد نتيجة تراجع إنفاق الحكومة والأفراد، ما يعنى معاناة شديدة للمواطنين على مدار ثلاث سنوات، يضاعف منها الأثر السلبى على القطاع الإنتاجى. وأوضحت «سلوى»، التى تؤكد أن الحكومة منحازة فى توجهاتها للطبقات القادرة على حساب محدودى الدخل، أن هذه الإجراءات قد تؤدى لضرب القطاع الإنتاجى فى مصر، إذ سيجد المنتج نفسه محاصراً بين ارتفاع تكلفة القروض بسبب رفع الفائدة وعدم قدرة العديد من البنوك على التوسع فى التمويل أساساً، فضلاً عن زيادة كل مستلزمات الإنتاج. وقدمت «سلوى» فى حوارها مع «الوطن» عدة مقترحات تعتقد أنها كفيلة بتخفيف ثقل السنوات العجاف الثلاث المقبلة، وهي مدة برنامج الإصلاح، على المواطن وقطاع الأعمال. وإلى نص الحواروبسؤلها: كيف ترين برنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة، الذي باركه صندوق النقد الدولي؟، قالت: هناك أمران أساسيان يقلقانني، أولهما أن الإجراءات التى تتخذها الحكومة لحل الأزمة الاقتصادية يتحمل عبئها الأكبر الفقراء ومحدودو الدخل، لأن الحكومة للأسف منحازة للطبقات الأعلى دخلاً، ما يعنى أن معاناة الفقراء ستزيد خصوصاً مع تتابع الإجراءات المؤلمة المنتظرة خلال السنوات الثلاث المقبلة وهى عمر البرنامج، وتزايد المعاناة، فضلاً عن تبعاته الإنسانية التي ربما لا تخيف الحكومة، إلا أن تزايد المعاناة قد يعوق قدرة الناس على تحمل البرنامج، وبالتالى يحول دون استكماله، وقد حدث ذلك من قبل، فمصر حاولت الاتفاق 4 مرات مع صندوق النقد منذ الستينات، ولم يستكمل منها إلا برنامج التسعينات فقط، الأمر الثانى الذى أخشاه هو ضرب القطاع الإنتاجى فى مصر، كنتيجة مباشرة للسياسة الانكماشية التى تترتب بشكل تلقائى عن تطبيق روشتة صندوق النقد، الذى تصر الحكومة على أن تسميه برنامجها للإصلاح. وبسؤالها: كيف؟ المفروض أن البرنامج يمهد الطريق لانطلاقة اقتصادية تزيد من معدلات التنمية لا تخنقها؟، وقالت: للأسف، الاتفاق مع صندوق النقد الدولى يستوجب دائماً تطبيق سياسات انكماشية، الإجراءات التى تنفذها الحكومة على صعيد السياستين المالية والنقدية (خفض الإنفاق على الأجور والدعم، تخفيض قيمة الجنيه ورفع سعر الفائدة) يعنى تراجع إنفاق الحكومة وتراجع إنفاق الأفراد الذين ستتأثر دخولهم سلباً، لكن المستهلك ليس هو المتضرر الوحيد، قطاع الأعمال سيتضرر أيضاً، بفعل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج المستوردة وأسعار الوقود وارتفاع تكلفة التمويل المصرفى، وهو ما يعنى فى النهاية ارتفاع تكاليف الإنتاج وتخفيض معدلاته. وتابعت: «هذا ما تمر به كل الدول التى تتعامل مع الصندوق، والصندوق لم ينف أن سياساته انكماشية ويؤمن المسئولون فيه أن هذه السياسات مقدمة ضرورة لضبط عجز الموازنة وخفض الدين العام ثم يليهما بعد ذلك انطلاقة تنموية، لكن لا بد أن نأخذ فى الاعتبار أننا بدأنا البرنامج فى ظل وجود جهاز إنتاجى يعمل بالفعل بأقل من طاقته الكاملة ومشروعات متوقفة وأخرى متعثرة ومعدلات بطالة مرتفعة، المزيد من الانكماش يعنى المزيد من المشروعات المغلقة والمزيد من البطالة والمزيد من المواطنين الذين يسقطون تحت خط الفقر وهذا أمر خطير».