قال الدكتور حسن نافعة، المحلل السياسى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يتوقف على خسارة الإخوان للانتخابات البرلمانية المقبلة، أو استمرار سياساتهم الحالية التى قد تؤدى إلى إضرابات أو خروج مطالب شعبية ضخمة تنادى بإجرائها. وأضاف فى حوار ل«الوطن»، أنه لا يوجد بديل للنظام الحالى، والمشكلة هنا ليست فى قوة الإخوان، بل فى ضعف المعارضة وتفككها. هذا يتوقف على نتيجة الانتخابات البرلمانية، أما قبل إجراء انتخابات مجلس النواب فأعتقد أن الاضطرابات التى يمكن أن تؤدى إلى انتخابات رئاسية مبكرة هى قيام ثورة جياع، لكن أى مشاكل ناتجة عن فوضى وغياب للأمن ستؤدى إلى تدخل الجيش، فالانتخابات الرئاسية قرار للرئيس، ولن يتخذ هذا القرار إلا إذا كانت هناك مظاهرات شعبية ضخمة ترفع شعار الانتخابات المبكرة، وهذا حل عاقل ورشيد، وربما يكون المخرج لأزمات البلاد، لكن الرئيس لن يقبل بهذا، وذلك من خلال قراءة تصرفات الرئيس وكيفية اتخاذه للقرارات، والإخوان يدركون يقيناً أن فرصتهم فى العودة للحكم تكاد تكون معدومة. ■ كيف يمكن أن يخسر الإخوان الانتخابات؟ - أنت تقصد الانتخابات الرئاسية المبكرة، لأن الانتخابات البرلمانية لا يمكن وصفها بذلك ولم تجرِ، لأن موعدها لم يتحدد بعد، ولن يحدث هذا إلا بعد صدور القانون من مجلس الشورى ثم إقراره من المحكمة الدستورية العليا، ومن المتوقع ألا يكرر الإخوان نفس الخطأ الذى ارتكبوه قبل ذلك عندما طلبت المحكمة الدستورية تعديلات على القانون وأجريت التعديلات ثم ذهب القانون مباشرة لرئيس الجمهورية دون عرضه مرة أخرى على المحكمة الدستورية، ما أدى إلى بطلانه، ويفترض أن هذا لا يحدث مرة أخرى. ■ وماذا عن الانتخابات الرئاسية المبكرة؟ - خسارة الإخوان للانتخابات البرلمانية قد تكون أحد الأسباب التى تجبر الرئيس على خوض انتخابات رئاسية مبكرة، إذا افترضنا أن الإخوان والأحزاب الإسلامية خسرت الانتخابات، بمعنى أنها حصلت على أقل من 50% مجتمعة وأن القوى المدنية حصلت على أكثر من 50% من مقاعد مجلس النواب، وهذا معناه أن التيار الإسلامى فقد السلطة التشريعية نهائياً، وهذا سيكون له دلالة مهمة هى أن الشعب فقد الثقة فى التيار الإسلامى، وبالتالى فقد الثقة فى الرئيس. وحال حصول التيار المدنى على أغلبية المقاعد فى مجلس النواب سيضغط بقوة لانتخابات رئاسية مبكرة، وسيكون له الحق، لأنه استحوذ على السلطة التشريعية عبر الصندوق، ونتائج الانتخابات تعنى بشكل أو بآخر سحب الثقة من الرئيس، وسيكون مؤشراً على أن الرئيس اهتز موقعه وفقد السلطة التشريعية تماماً، وسيدخل النظام السياسى كله فى مأزق، وأظن أن المعارضة المدنية ستكون فى موقع يمكنها من الضغط من أكثر من جهة؛ من السلطة التشريعية والشارع، والضغط على رئيس الدولة الذى لن يستطيع تعيين رئيس وزراء إلا من الأحزاب المدنية، ووجود رئيس وزراء مدنى معناه أن النظام السياسى سيكون برأسين، وسندخل صراعاً سياسياً إذا لم يقبل رئيس الدولة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ■ كيف سيكون الوضع إذا ظل الإخوان محتفظين بالأغلبية البرلمانية؟ - هنا سيعتبر الرئيس أن هذا نوع من إعادة طرح الثقة فيه، وبالتالى لن تكون الانتخابات الرئاسية المبكرة مطروحة، وستصبح شوكة الإخوان أقوى، والسؤال: هل سيرتكب الإخوان نفس الأخطاء ونظل على ما نحن عليه من تدهور أوضاع الدولة؟ لأن الشعب المصرى يشتاق إلى الحرية والديمقراطية ويحتاج بالأساس إلى تحسين أوضاعه على كل المستويات، وإذا لم يحدث تحسن فى الأوضاع المعيشية سنشهد توتراً داخلياً فى الشارع المصرى، والجيش لن يتدخل إلا إذا حدثت اضطرابات واسعة تؤثر على الأمن القومى، لأن الجيش لا يريد السلطة وهو الملاذ الأخير والعمود الفقرى للدولة، وإذا نزل الجيش إلى الشارع، البعض يفكر أن الفرصة مواتية أن يصحح الجيش أخطاءه ويعين مجلساً رئاسياً ويشكل جمعية تأسيسية جديدة. ■ وهل تعتقد أن الإخوان سيقبلون بنتيجة الانتخابات؟ - إذا أفرزت الانتخابات الرئاسية المبكرة بأغلبية مرشحاً غير إسلامى سيكون الأمر طبيعياً، وسيكون احتجاج التيار الإسلامى وعلى رأسه الإخوان بلا جدوى، وفى جميع الأحوال ستكون أوضاع البلاد مضطربة، وكل المؤشرات تؤكد أن الإخوان سيخسرون الانتخابات الرئاسية المبكرة، وربما يكون هذا هو المفتاح السحرى، لكن الإخوان سيحتفظون بمقعد الرئاسة حتى آخر نفس. ■ هل هناك فصيل سياسى حالياً يمكنه تقديم البديل؟ - لا.. هناك سيناريوهات مطروحة، لكن ليس كبديل جاهز، وعلى التيار المدنى أن يوحد صفوفه ويتماسك ويستعد للانتخابات البرلمانية بقائمة موحدة، ويكون جاهزاً بمرشح واحد للانتخابات الرئاسية، ويكون جاهزاً بدستور جديد وبديل. ■ ما تقييمك لتجربة الإخوان فى الحكم؟ - كانت أمامهم فرصة تاريخية، وأضاعوا توقعات الناس فيهم، أظن أن هذه التجربة بكل مساوئها تصب فى صالح القوى الوطنية، لأن الجميع كان يعتقد أن الإخوان يمكن أن يكونوا بديلاً لما أسسته ثورة 25 يناير، لكن تبين أنه ليس لديهم رؤية سياسية أو كفاءات، لذا نرى أن الإقصاء والتهميش والرغبة المحمومة فى الاستحواذ أظهرت الإخوان على حقيقتهم. ■ من وجهة نظرك.. ما أخطاء المعارضة؟ - أمراض مزمنة، صراعات شخصية، غياب الرؤية، الانقسامات، وهناك حاجة إلى الوقت لتشكيل أحزاب حقيقية بعد حالة تجريف شديدة، ومعظم الأحزاب بعد الثورة جديدة ليس لها رصيد، والأحزاب القديمة تآكلت وأصبح وزنها ضعيفاً، وعليها الاحتكاك بالناس وخوض الانتخابات.