«أتعهد بإسقاط ديون الفلاحين، وإعادة زراعة القطن طويل التيلة، وشرائه من الفلاح بالسعر العالمى، وعودة مغازل القطن طويل التيلة للعمل».. قالها «مرسى» قبل انتخابه رئيساً. بسمرة اكتسبها من أشعة الشمس، يمسك بفأسه ليحرث الأرض الطيبة، عرقه يرويها عوضاً عن «ماكينات الرى» التى تستخدم السولار الذى أصبح الحصول عليه درباً من دروب الخيال، يهوى بالآلة العتيقة لتنبت الأرض من فضل الله نباتاً للآكلين، فى قرية «المعتمدية» بالجيزة تتراجع البقعة الزراعية لصالح البناء، فيما فضل هو أن يتحدى المعوقات، «الأرض كالعرض» لا يبيعها ولا يستأجرها، ابناً عن أب عن جد، أجيال تعاقبت على قطعة الأرض التى تزيد مساحتها قليلا عن نصف فدان، مهنته «وكيل وزارة بمجلس الشورى» لم تمنعه من امتهان مهنة الجدود، بسنوات عمره التى تناهز نصف القرن قرر الرجل أن يزرع فى الدورة الزراعية الجديدة «كرنب يابانى» فى محاولة منه لتحدى الصعاب. أحمد سيد عبدالفتاح، 57 سنة، بكالوريوس تجارة، يؤكد أن الدولة لا تخدم الفلاحين فى الوقت الحالى عكس «زمان»، فالجمعيات الزراعية فى زمن ما قبل الثورة كانت تصرف الكيماوى والمبيدات، الأمر الذى تغير فى الوقت الحالى: «بنشترى الكيماوى من السوق السودا ب150 جنيه رغم أن سعره لا يتجاوز 70 جنيه فى الجمعية». يحتاج المحصول إلى الرى كل 10 أيام، وعدم توافر المياه فى المنطقة التى يزرع بها اضطره وأقرانه إلى حفر آبار للمياه، وجلب ماكينات رفع تعمل بالسولار؛ «اللى مش لاقيينه دلوقتى»، فبحكم كونه مالكاً لحيازة زراعية فمن حقه، حسب تأكيده، الحصول على السولار بالسعر الرسمى من محطات الوقود بموجب أوراق الحيازة، وهو الأمر الذى لا يحدث فى الوقت الحالى، يستهلك الرجل نحو 60 لتراً كل دورة زراعية؛ «بروح البنزينة يدونى 20 لتر بالسعر الرسمى، وبجيب الباقى من السوق السودا ب2.5 جنيه لكل لتر». «أرضى ومولود فيها ولازم أزرعها مش أبنى عليها».. يقول الرجل الخمسينى معلقاً على توغل المبانى فى الأراضى المجاورة له، مشيراً إلى أن صعوبة «الفلاحة» فى الوقت الحالى تجبر الفلاحين على البناء على أراضيهم عوضاً عن زرعها، ف«نبتة الكرنب» يشتريها بجنيهين للعود الواحد، علاوة على تكلفة الزراعة والمبيدات والتسميد؛ «وانت ونصيبك، ممكن تبيع وممكن المحصول يترمى». يتساءل الرجل الذى يعول 3 أولاد عن الوعود التى أطلقها الدكتور مرسى: «فين هى؟ إحنا بنعانى وعايزين حد يبصلنا»، مؤكداً أن معظم الفلاحين سيضطرون فى نهاية الأمر إلى البناء على الأرض، خصوصاً فى ظل تجاهل الدولة لهم والإصرار على زيادة أسعار متطلبات الزراعة.