قبل أيام اتخذ الرئيس محمد مرسي قرارين يؤكدان نيته دعم الفلاح المصري, وهما رفع سعر شراء الأرز من الفلاحين وإسقاط ديونهم ما دون العشرة آلاف جنيه. وتأتي أهمية هذه القرارات في أنها تمس حياة أكثر من45% من الشعب المصري من العاملين بالزراعة, اللقاء الذي اتخذ من عيد الفلاح مناسبة للانطلاق لم يخل من المنغصات إذ لم يتسع الوقت لأن يستمع الرئيس مرسي كلمات مختلف الكيانات المعبرة عن الفلاحين وأكبرها نقابة الفلاحين والتي تأسست بعد ثورة يناير مباشرة ويبلغ عدد أعضائها مليونا و300 ألف فلاح, من ذوي الحيازات الزراعية والعاملين بالمهن الزراعية, حيث أوضح نقيب الفلاحين محمد عبد القادر وممثلهم في اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور أنها تؤكد عددا من حقوق الفلاح التي يمكنها أن تعيد لمصر دورها الزراعي وكان لالأهرام المسائي معه هذا اللقاء. * ما هي أسباب استيائك من لقاء الرئيس مرسي بالفلاحين؟ ** لم يسمح لعدد كبير من الفلاحين بالدخول, واعتذر الرئيس ونحن شاكرون له هذا الاعتذار, لكننا فوجئنا بوجود عدد كبير من غير العاملين بالفلاحة, وكان الأولي منهم الفلاحين الذين من المفترض أن يلتقيهم الرئيس كما التقي الطلاب والعاملين بالسياحة دون أن يحل محلهم آخرون وكان من المفترض أن يستمع الرئيس لكلمة مني, باعتباري نقيب الفلاحين وأمثل مليونا و300 ألف فلاح, لكن ذلك لم يحدث. وكنا فقط نريد أن نؤكد أننا حريصون علي نهضة هذا البلد وأن الفلاح المصري هو الأداة التي يمكنها أن تساعد الحكومة في ذلك لكن الكلمة أعطيت لنقابة أخري أنشئت بعدنا وعدد أعضائها أقل من نقابتنا. * ما تعليقكم علي قرار الرئيس برفع سعر الأرز؟ ** هذا قرار جيد وسعر معقول, ونتمني أن يشمل القرار عددا من المحاصيل الأخري مثل القمح وقصب السكر والقطن. * تعاني الدولة المصرية الآن ميراثا ضخما من تركة الفساد بالتالي يصعب تحقيق كل المطالب دفعة واحدة لذا افتتح الرئيس خطابه لكم بطلب الصبر, فما هو تعليقك؟ ** نحن ليس لدينا أي مطالب فئوية, لا زيادة مرتبات ولا غيره, فنحن جزء كبير من حل أزمات مصر, كل مطالبنا تدور حول توفير أدوات الإنتاج الزراعي والتقاوي المنتقاة, الفلاح هو الذي يدعم الدولة وليس الدولة هي التي تدعم الفلاح, فنحن لسنا كالذين يحاربون من أجل دعم السولار والبنزين وهم أغنياء. الفلاح المصري يعاني أحلك الأزمات ومع ذلك يكافح لشراء مستلزمات الإنتاج مع غلاء الأسعار, وهو من يوفر للشعب المصري مأكله. * دعنا نقول إن هذا ميراث30 عاما من الفساد وتراكم الأزمات فوق رأس الفلاح يحتاج إلي خطة تنفذ علي مراحل قريبة ومتوسطة الأمد. فهل لديكم خطة لذلك؟ ** الأمر لا يحتاج سوي حزمة قرارات سيادية قبل الخطط, فعلي سبيل المثال عدم تصدير الأسمدة إلي الخارج, سيوفر للفلاح المصري هذه الأسمدة, بالنسبة للتقاوي المنتقاة فهي موجودة في مراكز البحوث المعطلة منذ عشرات السنين. لا نريد أموالا الآن, فقط نريد أن نطرح هذه الرؤية. * أنت عضو في اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور فما هي أبرز المطالب التي تسعون إليها؟ ** طالبنا بمعاش بعد سن الستين ومسكن أسوة بأبناء المدينة, بالإضافة لأن يشمل مشروع التأمين الصحي الفلاحين والعاملين الزراعيين. * ما موقفكم من إلغاء كوتة العمال والفلاحين في الدستور المقبل؟ ** هذه الفكرة مرفوضة وسترفض في الشارع, فإذا أردنا إلغاء كوتة الفلاحين وهم حوالي50 مليون مواطن فلنلغ قوائم الأحزاب وهي ليست إلا كوتة للأحزاب وهم لا يتجاوزون ال3 ملايين مواطن. * لكن لماذا لا ينضم الفلاحون لأحد الأحزاب القائمة بالفعل والقريبة من مصالحهم؟ ** نحن نحتاج إلي كل الأحزاب, لتدعم الفلاح, فهم متصلون بكل ربوع مصر, ولابد أن يدافعوا عنا ويقفوا إلي جوارنا. * لكن العصبية القبلية مازالت مسيطرة علي القري المصرية, وهي باب لدخول الفلول البرلمان وبالتالي الحديث عن حاجة الفلاحين لكل الأحزاب أمر مشكوك فيه؟ ** لم يكن أمام الفلاح سوي كبار العائلات لينتخبهم ومعظمهم من فلول النظام السابق, أما الان فصار هناك حرية وعدالة, وأمامهم البلد كلها ليختار كل منهم ما يشاء, فالرؤية السياسية في مصر تغيرت بعد الثورة. وفي الانتخابات الماضية تعاطف الفلاحون مع الحرية والعدالة أملا في الحصول علي حقوقهم. * تضم نقابتكم مليونا و300 ألف فلاح, فما هي الشروط التي اعتمدتم عليها في فرز مهنة الفلاح؟ ** الفلاح هو الذي مصدر رزقه الوحيد من أرضه وليس له مصدر دخل آخر لا معاش ولا راتب مادام منضما لنقابة أخري لا يمكنه الحصول علي العضوية, كذلك هو كل من له حيازة زراعية. * هناك قلق أن تتحول نقابة الفلاحين إلي مجرد نقابة لكبار الملاك ولا تشمل الطبقات الأفقر؟ ** لدينا فلاحون مستأجرون وكل من يساعد الفلاح في استخراج المحصول من الأرض هو عضو في نقابتنا, الناس في القري معروفة ويسهل فرزهم فسائق الجرار يكون مكتوبا في بطاقته سائق جرار. * هذا ينقلنا لشكل درجات التأمين الاجتماعي والصحي ودعم الفلاحين داخل النقابة. * لدينا صندوق تكافل اجتماعي, يحمي الفلاحين البسطاء, فمن لديه الأراضي كبيرة يتبرعون للفقراء, لكن نحن نتمني أن يحظي الفلاح بتأمين صحي ومعاش محترم ولأن مصر بلد زراعي يجب الاعتراف بأن الفلاح العمود الفقري والأمن الغذائي لها. فحين يعمل الفلاح يدير عجلة الصناعة والزراعة وكل كيانات البلد. * هناك عدد من السلع والمحاصيل الاستراتيجية تواجه مصر أزمة في سداد احتياجاتها المطردة منها سنويا, وأهمها علي الإطلاق القمح والقطن وقصب السكر, فهل لديكم رؤية للتعامل معها؟ ** هناك أياد خفية تلعب في وزارة الزراعة, وتفتعل المشكلات للحكومة والفلاح معا فمن غير المفهوم لماذا تترك الدولة محاصيل مثل الأرز والقمح وترفض إعطاء أسعارمناسبة للفلاحين, ثم تعود لتشتري هذه المحاصيل نفسها من السوق السوداء, وبأضعاف سعر الفلاح بعد شهر واحد فقط, الحكومة بهذا الإجراء تساعد التاجر أن يأكل عرق الفلاح وفي الوقت نفسه يتاجر علي الحكومة ويتحكم في أقوات الناس. كذلك فكرة إعادة هيكلة مصانع الغزل لتكون ملائمة لمحصول القطن الذي تزرعه مصر وهو القطن طويل التيلة, فمن العيب أن نصدر منتجاتنا خام ونشتريها ملابس بأسعار كبيرة. * كانت الماكينات في هذه المصانع تأخذ القطن طويل التيلة, لكن أصحاب النفوس الضعيفة في العهد البائد حولوا هذه المصانع لتصنيع القطن قصيرة التيلة فقط فصارت بلا قيمة تقريبا ثم باعوا الأراضي التي كانت تابعة لهذه الشركات, وصارت المصانع هياكل خرسانية لا أحد يعمل بها مصنع غزل كفر الدوار كان به37 الف عامل قبل عشرين عاما اليوم به7 آلاف فقط وهذه كارثة لدينا أمثلة شديد الفداحة منها محصول البطاطس إذ يحتكر شراء تقاوي البطاطس في مصر خمسة مستوردين, يحصلون عليها بسعر2000 جنيه للطن ويبيعونه للفلاح بعشرة آلاف جنيه ثم يحتكرون ايضا تصدير البطاطس. * في السابق كان هناك عدد من المشروعات العلمية لتنمية زراعة القمح في عهد النظام السابق, وكان يتم محاربتها, فهلا لديكم تصورات عن كيفية حل أزمة القمح؟ ** نحن مع أي مشاريع لتنمية موارد مصر الزراعية, لكن المفاجأة أن مصر لديها ما يكفيها من القمح, لكن يتم إهدار كميات ضخمة منه, وذلك عبر طريقة حصده وتخزينه, وعلي سبيل المثال ليس هناك ميكنة تضم الغلة, لذا يضمها الفلاحون وتهدر منها كمية, كذلك عمليات النقل تهدر كميات كبيرة, والشونة التي تحفظ فيها القمح ليست مجهزة.نقيب الفلاحين والأزمة الكبري حين تصنع الدولة العيش المدعم تتهافت عليه الناس في القري, لأنهم يستخدمونه كعلف للفلاحين بأسعار ملائمة لن يشتري الفلاح بخمسة جنيهات عيش, بل مايكفيه فقط. العالم كله مقبل علي أزمة غذاء, ومصر ودول أفريقيا هم سلال الطعام القادرة علي سد هذه الفجوة, فأين العلم والعلماء ليعملوا لهذا اليوم. * هل هناك أي محاولات لإصلاح هذه الأوضاع؟ ** الرئيس أمر بتشكيل لجنة لفتح هذا الملف الاسبوع المقبل. وسوف نطرح علي رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل, خطتنا كاملة. * لأي درجة أصبح كيان نقابة الفلاحين فعالا ومؤثرا في كيفية اتخاذ القرارات, وحل الأزمات؟ ** في العام الماضي حدثت أزمة كبيرة بين فلاحي الصعيد وبين الدولة إذ أحجم الفلاحون عن تسليم محصول قصب السكر بالسعر القديم280 جنيها وتوسطنا بين الحكومة برئاسة الدكتور كمال الجنزوري وبين الفلاحين ليصبح السعر335, ونتمني ألا يقل عن450 جنيها للطن, لأن قصب السكر من الزراعات التي تمكث, في الأرض12 شهرا, ولتكن هذه المرحلة الأولي في تنمية صعيد مصر. * لم يتحول العالم كله لفكرة انسحاب الدولة من كل القطاعات وتنمية المجتمع المدني والأهلي فلم لا تحاول النقابة كمنظمة أهلية أن تقوم بذلك؟ ** كيف نحصل علي أراضي الدولة,ليست لدينا أية مشكلات في تنفيذ هذه الرؤية, فلتخصص لنا الدولة ظهيرا صحراويا في أية بقعة في أرض مصر, ولتري ماذا سنفعل. * طالبتم بتغيير مايعرف بقانون المزادات, فلماذا؟ ** قانون المزادات, هو الذي يعطي للمستثمرين الفرصة للاستيلاء علي أراضي الدولة الخصبة الصالحة للزراعة لتحويلها الي منتجعات وملاعب جولف, فهل يعقل أن نبني منتجعات سياحية ونحن في حاجة لنأكل ونشرب! * تتحدث عن العلاقة بين الفلاح والمستثمر, لكن هذا هو المتوقع من النقابة أن تدعم الفلاح لئلا يصير فردا في مواجهة مؤسسات اقتصادية ضخمة! ** نحن نسعي الي ذلك لكن بنية القوانين ليست في صالحنا. فالدولة علي سبيل المثال ليست لديها أية خطط زراعية واقعية, وهذا مايستغله المستثمرون, فعلي سبيل المثال يزرع عدد من المستثمرين قطع أراض أخذوها من الدولة بسعر بخس برسيم للتصدير, وهذا منتهي الاهدار لموارد الدولة فالبرسيم من الزراعات ذات الاستهلاك الكثيف للماء هذه سرقة لمياه مصر. قبل أن تعطي الدولة أراضي لأي جهة أو شخص لابد أن تخضعه لخطة واضحة وتفرض عليه احتياج البلاد قبل التصدير. * المفتاح لتجنب جزء كبير من مشكلات الفلاحين في مصر, هو توفير قاعدة بيانات حقيقية, فما هو دوركم في هذا الملف؟ ** عجزت وزارة الزراعة عن توفير هذه البيانات, نحن نزرع زراعة غير منظمة لعدم وجود ارشاد زراعي في مصر, ولو أن هناك دورة زراعية وتعاقدات علي الزراعات مع تحديد سعر المحاصيل, سيكون الأمر مغريا للفلاحين بالالتزام. * لكن هناك كيانا قائما اسمه الإرشاد الزراعي, فماذا يفعل؟ ** ينقصه موارد مالية ووسائل انتقال,وأن يتم تعيين دفعات جديدة من المهندسين الزراعيين خاصة بعد أن تم تخفيضه لأكثر من80%. * في واحدة من احصائيات منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة, تؤكد المنظمة أن مصر تفقد60 ألف فدان من الأراضي الخصبة سنويا بسبب التعديات علي الأراضي الزراعية,فما هو دوركم في وقف هذه الظاهرة الخطيرة؟ ** هذا خطأ جسيم ولابد أن نقف في وجهه جميعا,لكن قبل أن نشجب وندين ونطلق الأحكام, هل جلس أحد المسئولين مع الفلاحين ليري ماهي مشكلاتهم وكيف تسير أحوالهم؟بعضهم لهم أكثر من60 عاما في بيت العائلة ومعه5 أو6 أولاد وتزوج الأولاد كل واحد في غرفة, فمن يرضي بهذا الوضع, وبالتالي يكون الحل أن يقوم بالبناء علي قطعة من أرضه. وبدلا من أن توفر الدولة له السكن مثله كمثل ابن المدينة, يدفع المجتمع كله الثمن من أخصب أراضي مصر. كذلك فإن عددا كبيرا من الفلاحين لم تعد أرضه تدر عليه دخلا ملائما, فباعها لمقاول يريد البناء والبيع. * وماهو الدور الذي تتوقع أن تلعبه النقابة في هذه المسألة؟ ** لابد من تخصيص أراض للفلاحين وعمل قري سكنية لهم,علي أن يتم تمليكها بنظام الأسهم, وتدار من خلالهم من خلال شركة بزراعات موحدة بهذه الطريقة لا يمكن لأحد أن يبني علي الأرض, فالفلاح في هذه الحالة يملك سهما وليس أرضا. وأن تعيد الدولة الدورة الزراعية الي طبيعتها ووضعها الصحيح, عبر تحديد نوع المحصول المطلوب من هؤلاء الفلاحين كذلك يسهل هذا الاقتراح عمليات الري ورش المبيدات ويوفر في مصروفات النقل. * هناك عدد من الممارسات التي تضر بالصحة العامة منها استخدام المبيدات المسرطنة والري بمياه الصرف الصحي, فما هو دوركم في هذه القضايا؟ ** تسعي النقابة لعمل تعاقدات مع شركات للزراعات النظيفة. كذلك أنشأنا شركة الفلاح شركة مساهمة مصرية, ودورها أن تنمي عددا من الأنشطة الزراعية التي تحد من هذه الظواهر فنحن نريد أن نحول القرية المصرية الي قرية منتجة, فلا يعقل أن تصدر مصر الفول ب2 جنيه, ويأتيني معبأ ب60 جنيها. لماذا لا يتم تصنيع هذا المنتج في قلب القرية, ونكون وفرنا فرص عمل لأبناء الفلاحين, ووفرنا السلعة,وزاد دخل الفلاح. جميع المنتجات الزراعية لابد أن يكون لها أماكن خاصة للفرز والتعبئة والتغليف وعمل أكشاك في ربوع مصر لتعرض بطريقة محترمة فعيب أن نكون في القرن الحادي والعشرين, وتباع مأكولاتنا ولحومنا علي الأرصفة بينما الأحذية والملابس في الفاترينات تلمع كل يوم.