(استفزتنى مظاهرات مؤيدى الرئيس «محمد مرسى» لتطهير القضاء)، هذا نص تصريحات المستشار «أحمد مكى»، وزير العدل المستقيل، لوسائل الإعلام عقب استقالته. الوزير الذى نسب مظاهرات ما يسمى ب«تطهير القضاء» إلى مؤيدى الرئيس نفسه، هو من سمح لنظام الإخوان باستغلاله كواجهة براقة نظراً لتاريخه فى حركة «استقلال القضاء»، وأيضاً استغل شقيقه المستشار «محمود مكى»، نائب رئيس الجمهورية السابق!! هو من صمت على حصار المحكمة الدستورية، ومنع القضاة من ممارسة عملهم، وهو من صمت على «الإعلان الدستورى» الباطل، وربما ساهم فى تصويبه لرئيس الجمهورية بإعلان آخر يُحصن مجلس الشورى.. ويضرب بالقضايا المرفوعة لحله عرض الحائط.. والآن عليه أن يسدد فاتورة مساندة الإخوان والسماح لهم باغتيال العدالة. إنها استقالة متأخرة جداً، كان لا بد أن تُقدم يوم إقالة المستشار «عبدالمجيد محمود» من منصبه كنائب عام مثلاً!!.. أو يوم علق القضاة عملهم فى المحاكم.. لأن التاريخ لا يرحم. لكن المستشار «مكى» أغضبه مشروع القانون المقدم إلى مجلس الشورى باسم قانون السلطة القضائية، والهدف منه استبعاد 3500 قاضٍ تخطوا سن الستين، رغم أن المجلس يتولى السلطة التشريعية بصفة استثنائية، وذلك تحقيقاً لرغبة «مهدى عاكف»، المرشد السابق للإخوان المسلمين، ولأخونة القضاء.. هنا فقط تحرك ضمير القاضى واستقال من وزارة «المرشد».. المرشد الحالى والسابق يحكمان البلاد والباقون مجرد دمى تنفذ الأوامر. صحيح أن «المرشد السابق» مطلوب للتحقيق بتهمة «السب والقذف»؛ لأنه قال إن القضاء «مريض ومسيس»، لكن المستشار «مكى» أيضاً لم يدافع عن المستشار «عبدالمجيد محمود» ولا عن المستشار «أحمد الزند»، رئيس نادى القضاة.. وتركهما يواجهان اتهامات بالفساد فى شكاوى «كيدية» وهو يعلم من يحركها. لن أقدم عتاباً للمستشار «مكى»، وهو حق لكل مصرية تخشى الآن الوقوف أمام النيابة العامة وتشك فى «العدالة»؛ لأنه ساهم، من وجهة نظرى، فيما وصلت إليه مصر.. والشعب لن ينسى تصريحاته بأن «محمد الجندى» مات فى حادث سير. لقد قال المستشار «أحمد رشدى سلام»، المتحدث الرسمى باسم وزارة العدل، إن المستشار «مكى» كان أمامه خروج قاضٍ واحد (يقصد النائب العام) أو خروج 3000 قاضٍ.. وهذا معناه أنه ضحى بالنائب العام ليعيش باقى القضاة.. وهو عذر أقبح من ذنب؛ لأن إقالة النائب العام كانت إهداراً لسلطة مجلس القضاء الأعلى فى ترشيح النائب العام.. وهذا كان أحد مطالب تيار «استقلال القضاء» القديم حين كان «مكى» عضواً به. الآن يخرج «مكى» من منصبه، بناءً على رغبة معارضى الرئيس ومؤيديه حسب نص استقالته، وتبدأ قيادات الجماعة حملة تشويهه وإرهابه.. ربما لأنه لأنه لم يقل لرئيس الجمهورية فى الوقت المناسب: (لو كان القضاء فاسداً فلابد أن تستقيل من منصبك؛ لأنهم أشرفوا على انتخابات جعلتك رئيساً لمصر)!!