أكدت منظمة الكرامة، المعنية بحقوق الإنسان، أن الإفلات من العقاب في مصر لا يزال القاعدة، ولا يزال العديد من الضباط المتورطين في انتهاكات حقوق المواطنين بعيدين عن أية مُساءلة. وكانت محكمة جنايات الإسكندرية، قضت يوم الثلاثاء 16 أبريل، بمعاقبة أحد ضباط أمن الدولة المنحل المتهمين بقتل الشاب سيد بلال بالسجن المشدد 15 عاماً، وإلزامه بتعويض مادي للمدعين قدره 10 آلاف جنيه، وكان قد لقي حتفه جراء التعذيب قبل أيام من اندلاع ثورة 25 يناير. وأشارت المنظمة إلى تقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثانية والستين في مارس الماضي، قد عرض قضية مقتل المواطن المصري أحمد عمار، والذي تم سجنه بحكم عسكري، وتم العثور عليه متوفيا داخل السجن، وذلك ضمن القضايا التي عالجها مقرروا الأممالمتحدة، بحضور ممثلي الدول الأعضاء وممثلي الجمعيات الحقوقية، وتطرق التقرير إلى المخاطبات التي أرسلتها آليات الأممالمتحدة للدول وردود الحكومات عليها. ورفعت الكرامة في 8 مايو الماضي شكوى للمقرر الخاص بالقتل خارج نطاق القانون والمقرر الخاص بالتعذيب بشأن مقتل المواطن أحمد عمار، 28 عاما، والذي تمت محاكمته أمام محكمة استثنائية أصدرت حكما بحبسه سبع سنوات، ليتم العثور عليه مشنوقا داخل عنبر التأديب في 9 فبراير 2012. وأضافت الكرامة في شكواها، أن الضحية تعرض للتعذيب من قبل القائمين على السجن قبل وفاته بيومين وتم نقله إلى عنبر التأديب الانفرادي، ثم أعلنت إدارة السجن وفاته في 9 فبراير. وشهد المساجين ممن شاهدوا جثته عقب وفاته بأن جسده كان يحمل آثار التعذيب، وأنه ذهب إلى التأديب معافى وسليما، ومن غير المعقول أن يكون قد شنق نفسه. ووفقا لتقرير الجمعية العامة المنشور في مارس، فقد خاطب المقرران الخاصان بالتعذيب والقتل خارج نطاق القانون الحكومة المصرية في 25 مايو الماضي وطلبا منها إجراء تحقيق فوري وحيادي حول مقتل عمار ومحاسبة من تورط في قتله وتعذيبه في حال صحة تلك المعلومات. وردت الحكومة المصرية على مخاطبة المقررين الخاصين في 17 يوليو الماضي، مؤكدة أن عمار دخل عنبر التأديب لتعدد مخالفاته وعدم التزامه بلائحة السجون، وأنه عثر عليه معلقا في شباك غرفة الحجز مستخدما بدلته الميري الخاصة بالسجن في شنق نفسه، وأن تحقيقات النيابة أثبتت عدم وجود شبهة جنائية حول الواقعة، وعدم تعرضه للتعذيب قبل وفاته. من جانبه، وعلق أحمد مفرح الباحث القانوني بمؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان على رد الحكومة المصرية، قائلا "السلطات المصرية اعتادت أن ترسل تحريات المباحث العامة إلى الأممالمتحدة كردود على الوقائع التي قدمتها الكرامة في شكاويها المتعددة حول الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون، وهو ما يعني عدم نزاهة التحريات لأن التلفيق والتزييف عادة ما يتم في القضايا الخاصة بانتهاكات الشرطة من قبل القائمين على المباحث العامة لحماية زملائهم المتورطين في التعذيب أو القتل". وأضاف مفرح "الإفلات من العقاب أصبح السمة الأساسية في الانتهاكات التي ترتكبها الشرطة، والنيابة العامة لا تفتح تحقيقات في قضايا قتل المواطنين أوتعذيبهم، وتقوم بحفظ البلاغات، وتتخذ قرارها على أساس تحريات رجال الشرطة والمباحث أنفسهم".