نعيش نوعين من المؤامرات فى لحظة واحدة هى لحظة فريدة من نوعها فى تاريخ مصر. تيار سياسى يخطط لمؤامرة، ويكذب لاستغلال الكذب فى تبرير المؤامرة التى ينفذها بزعم مواجهة مؤامرة كاذبة اخترعها هو. المؤكد أنه تراث جديد من الانتهازية السياسية ونكران مفاهيم ومبادئ الشرف من قاموس السياسة. جماعة الإخوان التى لا ندرى إن كانت جماعة دعوية أو سياسية أو جمعية أهلية تخطط للقضاء على القضاء المستقل الوطنى، لإحلال بديل تابع لها، يخرج عن مبادئ ضمير القاضى إلى ساحة ضمير التابع لمبدأ السمع والطاعة وتلقى الأوامر وتنفيذها. المؤامرة نغمة قديمة على تنويعة جديدة.. لكنها هذه المرة وجدت صدى أوسع وتخلى عنها أنصار للجماعة خشية حكم التاريخ.. فها هو وزير العدل أحمد مكى لم يتمكن من مجاراة تيار الانتهازية السياسية فوقف ضدها وعاداها وأصدر تصريحات فى محاولة لإجهاضها، وها هى قنوات تمرير مخططات الإخوان فى «التأسيسية» يهربون ويتسترون خلف الجدران ويمتنعون عن المشاركة فى مليونية المؤامرة، فلم ينجح من حاول هدم معبد العدالة. 43 قاضيا لطخوا ثوب الثورة الناصرية ببقع سوداء لم يمحها التاريخ ولن يفعل، فما بالك بنحو 3500 قاض يتم التخطيط لإبعادهم من على منصة القضاء، وهم قبل عام وصفتهم الجماعة بالقضاء العادل النزيه بعد انتخابات برلمانية ورئاسية فازت بها الجماعة، هم العدالة حين تتحقق أهدافنا وهم الفساد والضلال حين يحكمون بغير ما نشتهى. الحياة عند الإخوان «مؤامرة»، حين يحكم القضاء بما لا يشتهون فالقضاء فاسد، وليسوا هم المخطئين، فالقضاء عند الجماعة هو الوسيلة لحماية أهدافهم السياسية وإسباغ الشرعية القانونية عليها حتى ولو كانت ضد القانون، المهم أن يؤيدهم القضاء لا أن يطبق القانون. الإخوان لا يريدون تطهير القضاء بل يريدون إفساده، هم يريدون قضاء على مقاس النائب العام، جهة ادعاء لا تحرك الدعاوى ضد أنصار الجماعة، وجهة قضاء لا تحبس حارس خيرت الشاطر ولا رجل خيرت الشاطر المسمى عبدالرحمن عز، وتبرئ مجرمى الاتحادية. هى مؤامرة لأنها تتم والرئيس خارج البلاد بينما إخوانه يحاصرون رمز العدالة المصرية، وعملاؤهم يرسلون بقانون القضاء على القضاء إلى مجلس الشورى، ورئيس الأخير يحيل المشروع فى ذات يوم تلقيه إلى اللجنة المختصة، والحكومة غائبة لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم. المشكلة ليست فى المتآمرين على الوطن، المشكلة الحقيقية فى جبهة الإنقاذ التى لم نسمع منها «حسا ولا خبرا» لعل المانع خير، المعارضة يبدو أنها أقل من اللحظة وأضعف من المواجهة.. ومن غير المتصور ترك القضاة بمفردهم يخوضون معركة الدفاع عن مرفق العدالة. على الهامش: يا ريتك يا مبارك «ما حركت» إيدك كان كفاية صوابعك. إلى المستشار أحمد مكى: ماذا تنتظر لتقديم استقالتك؟؟