أمام بقايا المسجد المحترق، جلس واضعاً يده على خده يبكى على ما يحدث حوله، فلم يتوقع يوماً أن يقوم مسلمون، أياً ما كان انتماؤهم، بحرق بيوت الله التى يرفع فيها الأذان وتقام الصلاة: «ما اعرفش جنسه إيه اللى عمل كده».. كلمات الحاج مصطفى عبدالرحمن، خادم مسجد «الشيخ فؤاد» بمركز تلا بالمنوفية، الذى احترق منذ أيام، واتُّهمت جماعات سلفية بمسئوليتها عن الحريق لوجود ضريح داخله. رفض الشيخ مصطفى الحديث عن الفاعل؛ فالشرطة ما زالت تبحث وهو يثق فى القانون: «هذه الواقعة ليست الأولى؛ ففى نفس التوقيت من العام الماضى تم حرق مسجد يحتوى أيضا على ضريح وهو (سيدى عز الدين) فى مركز تلا، الذى يمثل أكبر مركز فى مصر يحتوى على أضرحة ومقامات يصل عددها إلى 7». الشيخ مصطفى هو أحد أقطاب الصوفية فى المنطقة، جده هو الشيخ فؤاد الذى سُمى المسجد على اسمه وهو شيخ الطريقة «الخلوتية البكرية» بعد أن قرر التخلى عن المال والجاه والنفوذ وترك عمله كضابط فى الجيش عام 1920، وتوجه إلى الزهد والتقشف، وبعد وفاته بنى له تلامذته ضريحا إلى جوار المسجد، تحدث «مصطفى» عن الشبهات التى تدور حول السلفيين الذين يمثلون أكبر قوة معارضة للصلاة بتلك المساجد، ذكر أنهم أقاموا مناظرة بينهم وبين شيوخ الطرق الصوفية لمناقشة «مدى حرمة الصلاة بها». ما زاد من شكوك «مصطفى» مقولة: «إن سبب الحريق شمعة»، وهى الشائعة التى روج لها أصحاب التوجه الإخوانى والسلفى «المسجد لا يستخدم إلا الكشافات فى حالة انقطاع الكهرباء، كما أن الحريق الذى دمر كل محتويات المسجد لدرجة انصهار الكراسى البلاستيك لا يمكن أن يكون سببه شمعة». ويعتبر «مصطفى» أن كرامات جده الذى بُنيت له عام 1962 قبة مزخرفة لا توجد مثيلها فى مصر إلا فى مسجد «السيدة زينب»، ظهرت فى عدم احتراق ضريحه أو أضرحة تلاميذه، بل وسجاجيد المسجد، قائلا: «علشان اللى حرقه يعرف إنه ولى فعلا.. إلهى ربنا ما يريحه بعد ما حرق بيت ربنا».