حديث الدكتور «محمد مرسى» عن «الرُّكَب والأصابع.. والقرد الذى مات.. والقرداتى الذى يبحث عن شغلانة».. ذلك الذى أتحفنا به، أثناء لقائه بالجالية المصرية فى قطر، يثير الرثاء أكثر مما يستدعى السخرية. فهو حديث يعبر عن حالة فريدة من حالات اليأس، ومحاولة الهروب من المشكلات، من خلال تلك «الكوميديا السوداء». «مرسى» يائس، من نفسه، ومن جماعته، ومن حزبه، يائس من القدرة على الفعل، لذلك تجده «مقضّيها قفشات كلامية»، واللى عاوزه ربنا فى الآخر حيكون، ذلك لسان حاله، كما هو لسان حال الإخوان ورجال حزبهم.. قطيع ليس أكثر!. كل عضو فيه يرفع شعار «اللى حيصير على أحمد يصير على ازدحمد». على سبيل المثال «مرسى» يعلم أنه عاجز أشد العجز عن إنقاذ الاقتصاد المصرى من الهاوية التى تردى فيها، بسبب حالة اللخبطة التى تسيطر على قراراته منذ أن تولى السلطة. وعندما يعيش الإنسان حالة من اللخبطة التى تعجزه عن حل المشكلات الصعبة، فإنه يصاب فى المقابل بحالة أخرى يمكن وصفها ب«الدهولة»، حين يسأله البعض عن الطريقة التى سيتعامل بها مع المشكلات، لذلك كان من الطبيعى أن يردد «مرسى» فى معرض رده على الذين يؤكدون أن مصر تقع اقتصادياً: «وقعة فى رُكَبْهم»!. فالرئيس ليس لديه خطة واضحة للتعامل مع هذا الاستحقاق سوى تلك العبارات، فإذا لم يكن، فهناك الدعاء الذى يقول: «ربنا يفرجها من عنده»، و«تبات نار تصبح رماد»، وهى ذات الطريقة التى يتعامل بها أى مواطن عادى مع ما يواجهه هذه الأيام من مشكلات اقتصادية يعلم أن «مرسى» و«قنديله» عاجزان عن حلها، فبدلاً من أن ينخرط فى الدعوات الساعية إلى تغيير الأوضاع الفولكلورية التى نعيشها، يستسهل أن يصرف الأفكار والوساوس حول ما يمكن أن يواجهه خلال الأيام القادمة عن رأسه، ويشد «اللحاف» قائلاً: «زيى زى أهل بلدى.. اللى حيرسى عليهم حيرسى عليّا».. متناسياً أنه لا حل طالما كان «مرسى» «يرسى» فوق الجميع!. إنها ثقافة العجز الناتجة عن روح القطيع، حيث يسهل على الإنسان أن يتدفأ بالذوبان فى القطيع، كوسيلة للهروب مما يواجهه من مشكلات، وتلك هى الثقافة التى كرستها جماعة الإخوان فى مصر عبر أكثر من ثمانين عاماً، والتى تفسر لنا فى الوقت نفسه حالة «الدهولة» التى يتعامل بها الرئيس مع المشكلات، فالأمر لم يعد يعنيه، فالمعبد لن ينهار فوق رأسه وحده، بل فوق رؤوس الجميع، مرسى وبديع والشاطر وعزت وبيومى والبلتاجى والكتاتنى والعريان وغيرهم. فلماذا يتعب «مرسى» نفسه بالتفكير. فالمركب سوف تغرق بالجميع، أما عن مصر فهى لا تأتى على باله أصلاً. فكل ما يشغله هو «الجماعة». إنها ثقافة القرود يا سادة!.