الفكر الشارد والهم الدائم لا يفارقانها، فى الشارع تقضى معظم ساعات يومها وقلبها معلق بفلذات كبدها داخل شقة متواضعة بمنطقة «المشابك» بالجيزة. «أم مروة» التى يصطبغ وجهها بلون ملابسها، لا تعرف طعم الراحة بسبب «غلبة الدَين»، السيدة الأربعينية لا تطمع فى الكثير، فقط تنتظر الرعاية من الحكومة والدولة التى تحمل جنسيتها. بين الباعة الجائلين أمام محطة مترو فيصل تجلس، إيمانها بالله يستبق حاجتها، تردد دائما فى كلامها: «رضا والحمد لله»، تفاصيل معيشتها تجمع بين الفقر والكد والأمومة والمسئولية الكاملة، «أم مروة» لديها من الأبناء خمسة، جميعهم غير متعلمين.. واحدة من بناتها مريضة بكهرباء فى المخ وتحتاج الملاحظة الدائمة، أكبر الأبناء عمره لم يبلغ 20 عاما ويساعدها فى بيع المناديل بعض الوقت: «باجى هنا الساعة 7 واخلص على 5 العصر عشان أروح للعيال؛ مفيش حد معاهم». تقيم «أم مروة» فى شقة إيجارها 400 جنيه شهريا، بموجب مهنتها ببيع الصحف تعرف جماعة الإخوان جيدا وتعلم أنهم وصلوا للحكم، رغم ذلك لا تخصهم بطلب ما: «أنا مش عايزة غير الستر وأهل الخير يساعدونى فى سداد الديون اللى علىّ لأنها كتير أوى وأنا تعبت». المكان الذى تجلس به السيدة وأمامها بضاعتها، يشهد أكبر حملة دعاية لجماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة، نافية مبادرتهم على مساعدتها «ماحدش جه ولا هييجى، يادوب جابولنا الشرطة عشان تمشّى البياعين من هنا»، تتحسر «أم مروة» على حالة البيع والشراء «ماعادش فيه بيع زى الأول والحكومة زودت تمن كل حاجة». قيمة الديون المتراكمة عليها 60 ألف جنيه، مبلغ يزعج الأم المدينة لتتعثر عند النطق به «بجيب من هنا وأحط هنا وابدل بين أصحاب الفلوس وكل شوية بتكتر مش تقل»، مغلوبة على أمرها ولا تجد للخلاص طريقا.. بدموع تترقرق فى عينيها تقول: «قدرنا ونصيبنا نعيش تعبانين العمر كله».