وسط اللافتات التى ترفعها المحال والفاترينات والاستاندات التى تزدحم بها وسط البلد، تفاجئك لافتة غريبة لم يكتب عليها صاحبها سعر بضاعته بل كتب عبارة غريبة لفتت أنظار المارة: «البضاعة مسروقة.. ده حق الشعب». كل من قرأ اللافتة اعتقد أن البضاعة بالفعل عبارة عن مسروقات يتم بيعها بأسعار زهيدة ثم اكتشفوا أنه مجرد أسلوب دعائى جذاب اتبعه أحد الباعة ليلفت النظر إلى بضاعته. وسط مئات وآلاف البضائع المرصوصة حوله بطول شارع طلعت حرب وعرضه اضطر إسلام إلى اتباع هذه الطريقة لأن معظم الباعة حوله يبيعون نفس البضائع، وبالتالى لا بد من طريقة يلفت بها نظر الزبون: «باجى أقلب عيشى فى المنطقة، بجيب تى شيرتات وبنطلونات وأبيعها على عربيتى الملاكى، ميزة العربية إن أكبر عدد من الناس بيعدى عليها». إسلام يعمل فى أحد مصانع الملابس الجاهزة، يجمع ما يتبقى من الموسم وينزل به إلى وسط البلد وعلى سيارته الملاكى يرص تلك البضاعة بعد أن يثبت فيها اللافتة الشهيرة ويبدأ فى النداء عليها بصوت مرتفع: «بنشوف العجب هنا فى المنطقة، الناس مش سايبانا فى حالنا، كل اللى بيقولوا إن وجودنا دليل على التسيب كدابين، إحنا بيتاخد مننا فلوس على الوقفة دى، خمسين جنيه فى اليوم وأحيانا أكتر، حسب الغلاسة». يحكى إسلام تجربته فى وسط البلد ليدلل على أنهم مضطهدون ليس من الحكومة فحسب بل من السكان الذين باتوا يضيقون من تصرفاتهم: «مرة واحد من سكان العمارات اللى جنب مول طلعت حرب طلب البوليس للعيال البياعين عشان صوتهم عالى، جه الأمين خد اللى فيه النصيب، ومشى والعيال قعدت تعلى صوتها أكتر وأكتر عشان تكيد فى الراجل». يعترف إسلام بأن ما فعلوه لم يكن صوابا ولكن ما باليد حيلة فالحكومة لم تفكر فيهم ولم تحل مشكلتهم فاضطروا إلى حلها بطريقتهم: «زمان كانت البلدية عاملة لنا زى عفريت العلبة، كل شوية يطبوا على الشارع، بس معظم البياعين واخدين مخازن فى العمارات الجانبية اللى فى وسط البلد، أول ما تيجى البلدية بنلم ونجرى على المخازن ولما يمشوا نرجع تانى».