لا أمل فى الإخوان والرئيس، فأداء الرئاسة والحكومة ومجلس الشورى لا يبشر بالخير، وإنما ينتج أزمات وكوارث، أداء متحيز وفاشل لا ينتبه لمخاطر تقسيم المجتمع وانهيار الدولة والاقتصاد، لذلك لا بد من الرهان على جبهة الإنقاذ، والحقيقية أنه رهان صعب وحرج، لأن قيادات الجبهة لا تدرك ثقل المسئولية الملقاة على عاتقها، وغير قادرة، بحكم تكوينها السياسى والثقافى علاوة على مصالحها الضيقة، على أن تتبنى استراتيجية واضحة لإنقاذ مصر من الأزمة. الاستراتيجية الواضحة تتطلب رؤية وخيالاً سياسياً، ومسئولية اجتماعية، ثم تحديد أهداف وبرامج وأساليب عمل وفق توقيتات محددة، وكل هذه الشروط لا تتوافر لدى أغلب قيادات جبهة الإنقاذ، خاصة كبار السن أو المنتمين لنخبة مبارك، لذلك لم تطرح الجبهة على المواطنين خريطة طريق واستراتيجية للعمل السياسى من أجل إنقاذ مصر، وإنما صدرت عنها مواقف سياسية شجاعة ومؤثرة لكنها جزئية وغير مترابطة وتعتمد على ردود الأفعال إزاء أخطاء الرئيس وجماعته، ولا شك أن سياسات ردود الفعل افتقرت للمبادرات الإيجابية الخلاقة، ووقعت فى أخطاء كثيرة، منها: وضع شروط صعبة للحوار مع الرئيس، والانغلاق على الذات، والانفصال عن الشارع، فأحزاب وقوى الجبهة لا تعمل بين الناس، وبعيدة عن الصعيد والريف، وتركز جهودها فى القاهرة والمدن الكبرى، وتخاطب الرأى العام وتحشد المتظاهرين عبر النداء العام من خلال وسائل الإعلام، ولا تتحرك على الأرض. باختصار، جبهة الإنقاذ بعيدة عن المواطن العادى، وعن الشباب والقوى الثورية. من هنا جاء فشلها فى السيطرة على مظاهرات الذكرى الثانية للثورة أو توجيه القوى الثورية، والأهم لجم العنف والاتجاهات الفوضوية التى ظهرت نتيجة تقصير الجبهة فى تثقيف وتوعية الشباب بمخاطر العنف على الديمقراطية والأمن القومى. حتى الآن لا نعرف للجبهة استراتيجية للتعامل مع الرئيس مرسى والموقف من شرعيته، البعض داخل الجبهة يدعو صراحة لإسقاط النظام، ويؤكد أن الرئيس خسر شرعيته، ويطالب فريق آخر بانتخابات مبكرة، وكثير من المنتمين للجبهة يلوّح بخيار عدم المشاركة فى الانتخابات البرلمانية بينما يستعد آخرون داخل الجبهة للانتخابات. أعتقد أن الجبهة لا بد أن تتفق على مواقف واضحة للتعامل مع هذه الملفات الشائكة بما فى ذلك عنف الشارع وعنف الدولة، وهل تخوض الانتخابات بقائمة واحدة أم بقائمتين، وإذا قررت خوض الانتخابات فإن عليها التوافق على برنامج انتخابى يمثل الحد الأدنى لمطالب الأحزاب والقوى التى تشكل الجبهة. جبهة الإنقاذ تعارض ولا تقدم بدائل اقتصادية واجتماعية لسياسات الرئيس وحكومته، وحضورها السياسى حتى الآن هو نتيجة لأخطاء الرئيس وجماعته، وأتصور أن إنقاذ جبهة الإنقاذ وتفعيل دورها هو شرط نجاحها، بل ربما يكون شرطاً لإنقاذ الوطن، بل وإنقاذ الإخوان من أنفسهم، ومساعدة الأحزاب الإسلاموية الأخرى على تصحيح مواقفها ورفض الاصطفاف الأعمى خلف الإخوان والرئيس. نعم جبهة الإنقاذ قادرة على كل هذا وأكثر.. ولكن بشروط صعبة، أهمها: 1- الدفع بعناصر شبابية أو من جيل الوسط لقيادة الجبهة، وتخلى القيادات الحالية عن مناصبها وتحولهم إلى مجرد مستشارين للقيادات الجديدة. 2- وضع استراتيجية شاملة لإدارة الأزمة والتعامل مع الرئيس وجماعته، والأهم طرح خطط وبرامج عمل بديلة للتعامل مع أزمات الاقتصاد والأمن القومى. 3- تفعيل حضور الجبهة بين الناس فى الريف والحضر، والتواصل مع كل فئات المجتمع دون تمييز، مع استحداث أدوات جديدة للعمل السياسى. 4- تكثيف الضغط على الرئيس وحكومته من خلال وسائل سلمية مشروعة، مع تقديم حلول وبدائل عملية يقتنع بها الناخبون وتكون قابلة للتنفيذ وفق الإمكانيات المتاحة.