أكد البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أن الحكمة هي إحدى الفضائل التي يتسم بها الإنسان، وحكمة الإنسان تنجيه من المشاكل، مؤكدا أن هذه افضيلة هي ثمرة حياه الإنسان واقترابه من الله، لافتا إلى أن الإنسان لا يستطيع أن يتعلم الحكمة طالما كان مشغولا بالعالم، لكنه عندما يتقرب إلى لله تقترب إليه الحكمة. واستشهد البابا، في عظته الأسبوعية، بالملك سليمان عندما طالب من الله أن يعطيه قلبا فهيما في الحكم، ولذلك أطلقنا عليه سليمان "الحكيم"، مشيرا إلى أنه على الإنسان أن يطلب القلب الفهيم الذي يستطيع أن يميز الفارق من الخير والشر. وأضاف أن الحكمة علامة من علامات النجاح الروحي، مدللا بيوسف الصديق، وكيف أعطته محبة الله الحكمة، واستطاع أن ينقذ البلاد من المجاعات والأخطار، مشددا على أن الحكمة بركة في حياة الإنسان: "يا بخت الكنيسة اللي فيها الأب الكاهن والخدام يتميزون بالحكمة"، وضاربا مثلا آخر بما حدث مع إحدى نساء العهد القديم التي تدعى أبايجايل، التي أنقذت زوجها وبيتها من الخراب، موضحا أنه من الحكمة أن تختار وقتا للكلام ووقتا للصمت، والإنسان الذي لا يفكر قبل أن يُقدم على شيء دائما يكون خاسرا، لافتا إلى أن الحكمة مرتبطة بالكلام واللسان ارتباطا وثيقا، لذلك يقول داوود النبي عن الكلام: "ضع يا رب حافظا لفمي وبابا حصيان لشفتيَّ". وأوضح بابا الإسكندرية أن الكتاب علمنا أن نكون بسطاء كالحمام، حكماء كالحيات، فالبساطة بدون حكمة هي شكل من أشكال السذاجة، والحكمة بدون بساطة هي مكر أو خبث، مشيرا إلى أنه عندما حاول اليهود أن يجربوا السيد المسيح بسؤال حول دفع الجزية، رد عليهم بحكمة قائلا: "أعطِ ما لقيصر لقيصر، وما لله لله". واستطرد: "هناك وقت لعملك لابد أن تقدسه، ووقت لأسرتك ووقت لله لابد أن تقدسه، ولذلك كونوا واضحين ولا تخلطوا الأمور". وضرب البابا تواضروس مثلا بالبابا بطرس الجولي، البابا ال109 للكنيسة القبطية، عندما جاءه عرض عن طريق القنصل الروسي بمصر من قيصر روسيا لحماية الأقلية الأقباط، فما كان منه إلى أن رد قائلا: "نحن في حمى ملك لا يموت". وقال إن الكتاب المقدس يعلمنا أن "طريق الجاهل مستقيم في عينيه، أما سامع المشورة فهو حكيم"، ولذلك "عليك أن تعرف ما هي المرجعية التي ينبغي أن تستند إليها"، لافتا إلى أن الكتاب المقدس هو أول مرجعية لابد أن يعتمد عليها الأقباط في حكمتهم، ومؤكدا أنه "صار لدينا أميه كتابية، وصار الإنسان يستبدل الجلسة مع الله من خلال القراءة في الكتاب المقدس بجلسات الأصحاب والتليفزيون"، نافيا أن توجد الحكمة بدون كلمة الله. وأشار إلى أن العنصر الثاني الذي لابد أن يُتَّخذ كمرجعية للحكمة هو التروي، فالسرعة ضارة في كل شيء إلا في تقديم التوبة عن الخطايا، موضحا أن "الإنسان الحكيم لا يعرف التطرف، ودائما معتدل ووسطي ومتوازن".