حالة من الغضب عاشتها القاهرة ليلة أمس الأول، بين محطات وقود خاوية تماما من البنزين، وأخرى شديدة الزحام، تسببت فى توقف حركة المرور حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى، مع شعور المواطنين بوجود أياد تدبر لوجود الأزمات مع الأحداث الكبيرة، حتى تصرف النظر عنها، وأنها حدثت الآن حتى تشغل الشعب عن محاكمة مبارك، وتقنعه بأن الاستقرار فى صعود أحمد شفيق إلى الحكم. «لو الحكاية فيها شفيق هتبقى فل ولو فيها مرسى هتبقى خراب على الكل»، هكذا عبر محمد رضا، عن رغبته فى سرعة حل مشكلاته اليومية، حتى لو على حساب ما حققته الثورة من مكتسبات. وأضاف «لو البنزين بقى ببلاش بردو مش هنتخب شفيق» رداً على عامل «محطة الوقود» بوسط القاهرة عندما ذهب لتموين سيارته، فلم يجد بها طوابير أو بنزين. فى محطة وقود بمنطقة الدقى، يؤكد العاملون بها، أن البنزين متوافر لدى الوزارة، وما يحدث هو أزمة مفتعلة، ودليلهم على ذلك تصريحات المسئولين، ويفسرون نقص الوقود، بأنه وسيلة لإلهاء الشعب عن الأحداث الحالية، من انتخابات الرئاسة إلى محاكمة مبارك، وذلك على الرغم من أن محطتهم خالية من البنزين من أمس الأول. يؤكد هانى عبدالمنعم رئيس «وردية» فى محطة وقود «موبيل» بوسط القاهرة، أنه لا يوجد بنزين منذ يومين، مشيرا إلى أن افتعال الأزمة سببها محاكمة مبارك، وإجبار الناس على اختيار أحمد شفيق، بينما يشير إبراهيم عويس مدير محطة وقود «التعاون»، إلى أن هذا وقت أزمة «بنزين» تتكرر كل عام مع دخول موسم الصيف، ويرجع سببها إلى زيادة معدل الاستهلاك، خاصة فى ظل توافد عدد من المصريين من الخارج -والعرب أيضا- إلى مصر خلال هذا التوقيت، وأضاف أن هناك زيادة فى عدد السيارات على الطرق، ما يفوق كميات الوقود المتوافرة، بالإضافة إلى وجود سوق سوداء، حيث هناك أماكن كثيرة بها أكشاك لبيع البنزين نتيجة عدم المراقبة. إبراهيم أبوالنصر أحد المواطنين يرى أن كل حدث كبير فى مصر يصاحبه أزمة مدبرة، حتى يضغط النظام على الناس ويقبلوا حكم شفيق، باعتبار أن الاستقرار سيكون مصاحبا لحكمه، وأضاف أن عددا كبيرا من وسائل الإعلام، نقل إلى الناس صورة سيئة عن الثورة، جعلتهم يكرهونها، ويجرى حاليا عملية تأهيل نفسى للشعب لقبول أن الاستقرار فى وصول شفيق إلى حكم مصر، وأنه سيعيد الأمن سريعاً إلى الشارع، لكن أبوالنصر يعتبر من يقتنع بهذا مخطئا، وهو ما يتفق معه مواطن ترك سيارته أمام «طرمبة البنزين» وجلس بجوارها فى انتظار حضور الوقود، قائلا: النظام لا يريد أن يتحدث أحد عما يجرى بالبلد من قانون العزل أو محاكمة مبارك. مصطفى صابر سائق تاكسى، يبدو غاضبا نتيجة التكدس الشديد أمام محطة وقود مصر فى منطقة الدقى، ويقول «هما بيعملوا الأزمة عشان نتلهى عن محاكمة مبارك وفى الآخر ييجى شفيق ويمسكها»، ويؤكد أحد الشباب الذى يستمع للحوار أن الوزارة مشاركة فى صناعة هذه الأزمة، حتى نشعر أن أيام «المخلوع» كانت أفضل، أيضا مجلس الشعب يشارك بسكوته عن هذه الأفعال، وأضاف أن هناك مظاهرات حاليا ضد شفيق، وافتعال الأزمة يجعل الناس لا يفكرون فى المظاهرات، بل فى توفير البنزين لسياراتهم. مواطن آخر يقول: نحن سبب الأزمة لأن الثورة قامت للتغيير للأفضل، ولكننا لم نتغير من داخلنا حتى نطالب بتغيير ما حولنا.