"يقول صحفي نشط إن أسواق القاهرة كانت مرتعاً للأوبئة و الطاعون في مطلع القرن العشرين مما جعل تحسين الأوضاع الصحية في البلد أولوية، ... و في فبراير عام 1911 رصد مصرفان فرنسيان ... مبلغاً كبيراً لإنشاء سوق مركزية كبيرة بباب اللوق : بناء واسع متعدد المنافع يتسع لمحلات الخضر و الفواكه و الأسماك و اللحوم كما يتسع للمقاهي و المطاعم الأنيقة و في طابقه الأرضي ثلاجة هائلة لحفظ الأطعمة وتبريد اللحوم و الأسماك أرادوه نسخة طبق الأصل من أسواق "الهال" في باريس و أختاروا له نفس الإسم سقط الإسم و نسي العاملون فيه و رواده أصله وفصله" هكذا تحكي د.رضوي عاشور في روايتها قطعة من أوربا في صفحتها 168 عن سوق باب اللوق كجزء من القاهرة الخديوية التي أراد لها إسماعيل أن تكون قطعة من أوربا حيث عاش في طفولته إحدي فترات طفرتها العمرانية . رغم اللافته الموجوده علي مدخله و المكتوب عليها "سوق باب اللوق MARCHE DE BAB EL-LOUK 1912" لم يتذكر العاملون بسوق باب اللوق إن 1 مايو، أمس، هو عيد ميلاد السوق المئوي و ربما لن يتذكر أحد إنه من مئة عام كتب لاجورنال دو كير "إنه المكان حيث تستطيع أن تشتري أي شئ " لتعدد الجريده بعدها ما يوجد بالسوق من إمكانيات ومحال و مطاعم و مقاهي في مجتمع لم يعتاد علي فكرة الأسواق المجمعة التي تقدم كل صنوف البضائع لزوارها، لكن شراء العطارة من العطارين و النحاس من النحاسين و لكل بضاعة سوق في مكان منفصل حتي المخدرات كان لها أماكنها و حاراتها المعروفة التي يتم شراء الممنوعات منها و لكن لم ينسي بالفعل العاملون بالسوق كل شئ بقيت بعض الذكريات عالقة. يتذكر عم سمير محمود الذي يتملك محل صغير لبيع الأدوات الكهربائية بالممر القبلي للسوق كيف كان السوق نظيفا و نشطا حين أتي إليه في اواخر الستينات و كان يدفع 3 جنيهات لإيجار المحل أصبحوا الآن 75، كان بالسوق 8 حمامات أو أكثر أغلقت كلها تحول بعضها لورش و أهمل البعض الآخر ليبقي حمام واحد متهالك، وعندما تحدثنا عن إن هذا السوق كان يشبه سوق الهال في فرنسا قال لي إنه يعرف سوق الهال حيث إنه السوق الذي صور فيه أحد أفلامه المفضله فيلم إرما الغنية Irma la Douce بطولة شيري ماكلين، "كل ما بشوف الفيلم قلبي بيتحسر إحنا مكناش أقل من كده السوق ده كان نظيف زي الفيلم بيتغسل مرتين في اليوم بالخراطيم و الصابون " كان يوجد حراس علي الخمس بوابات يطلقوا الصفارات الساعة 12 إلا ربع ظهراً إيذانا بإستراحة الغذاء التي تستمر حتي العصر في هذه الفترة يأتي عمال النظافة بخراطيم مياه كبيرة تشبه خراطيم الإطفاء لغسل السوق و كان بالسوق شبكة لصرف هذه المياه بالأرض لم تعد موجوده بسبب تجديد الأرضيات العشوائي الذي كان يقوم به كل محل علي حداو كانت تتكرر عملية التنظيف بعد ال 12 مساءً، كل هذا تساقط تدريجيا حتي أصبح السوق مهمل لا يدخله عمال النظافة رغم تحصيل شركة الكهرباء رسوم نظافة مع فواتير الكهرباء التي يتم تحصيلها من المحال. صاحب محل الجزارة الملاصق لباب السوق أيمن عبد الرحمن الذي ورث المحل بنفس نشاطه عن جده الذي كان من أقدم مؤجري المحلات بالسوق يقول إن تراجع السوق بدء من منتصف السبعينات مع الإنفتاح و عشوائية البناء داخل أرض السوق التي تبلغ 6000 متر مربع و تحول ميدان باب اللوق إلي ميدان عادي بعد أن كان قديما موقف للترام و الحناطير و بجواره موقف المترو القادم من حلوان ، مما قلل كثافة المرور أمام السوق و بالتالي المشترين مما أدي إلي تحول السوق في الغالب إلي سوق جمله ليفقد طبيعته حيث كان سوق مخصص للجماهير يبيع كل إحتياجاتهم، إعادة إحياء السوق أمر يراه أمين صعباً للغاية بسبب الأموال الطائلة التي يحتاجها الترميم والتي لن يكون لها مردود إقتصادي كبير من وجهة نظره . أمتع جزء بالجولة في سوق باب اللوق كانت مع جمال و هو طفل يعمل بالمقهي يركب دراجة يلف بها الدور الثاني للسوق لكي يسأل أصحاب الورش القليله الموجوده عن طلباتهم . جمال يعمل هنا منذ سنتين و عندما سألني عن سبب تصويري للمكان، قلت له ان السوق تمر عليه 100 سنة بعد أيام كان رده إن أكيد عمره أكثر من الف سنه "ده الزبالة اللي موجوده علي سطوح السوق عمرها 100 سنه" . عند البحث عن معلومات حول سوق باب اللوق علي الإنترنت لن تجد إهتمام من المصريين بالسوق حيث يوجد موقع باللغة الفرنسية يتحدث عن سوق باب اللوق http://www.bab-el-louk.org/ قام بتصميمه باحث فرنسي إسمه باسكال جاريت. حتي الموضوع الصحفي الذي يظهر في البحث منشورا عن السوق على موقع إحدي الصحف المصرية مكتوب بأيدي صحفية أجنبية . "و بقي المبني قائماً رثا و بائساً و شاهداً ...، شاهداً علي ماذا؟ علي فشل المشروع أم نجاحه في إقناعنا أن لاخلاص و لا جمال و لا نظافة إلا ببنك فرنسي و أثرياء يهود – في الإشارة ليوسف أصلان قطاوي باشا أحد مؤسسي السوق- و قطعة طبق الأصل من أوربا؟. و كان هذا اخر ما ذكر عن السوق علي لسان إحدي شخصيات د. رضوي عاشور في نفس الصفحة في نفس الرواية السالفة الذكر.