قال «نعم» من قال، وقال «لا» من قال فى الاستفتاء على مرسى وإخوانه وليس على الدستور. فالدستور آخر حاجة كان يفكر فيها أى مواطن ذهب إلى هذا الاستفتاء، فمن قال «لا» كان يعترض على مرسى والإخوان، ومن قال «نعم» كان يبحث عن العجل المقدس الذى يسمى الاستقرار، والذى دأب البعض على عبادته أيام المخلوع، وظننا أن الثورة قضت عليه، فإذا بالدكتور «مرسى» يعيد إليه الحياة من جديد، البعض يحاول القفز على هذه الحقيقة فى غمرة فرحته بالمرور بالدستور. سوف أصدق أن الاستفتاء لم تَشُبه شائبة وأنه مغسول ب«إريال»، أو بالمسحوق رابسو «بتاع زمان»، وأنه أبيض من الصبح، وأن أكثر من 63% من المصريين قالوا له «نعم»، سوف أقفز فوق ذلك، وأقول إن الشعب رضى بدستور «الإخوان»، لكننى أدعو «مرسى» وجماعته إلى التمعن فى معنى تلك النتيجة. لقد قال الشعب «نعم» حتى يرى «آخرة» هذا الرئيس وتلك الجماعة وذيولها التى غنت له ليل نهار فى مديح «عجل الاستقرار»، حدثته عن النعيم الذى ينتظره، وأنهار العسل، وجبال الذهب، والحلول السحرية للمشكلات بمجرد أن يعطى صوته «للدستور» ويقول «نعم»، لتؤسس الجماعة مشروعها الذى سوف يجعل دنيانا «وردة بيضا»! المواطن الذى قال «نعم» يشعر الآن أنه «عمل اللى عليه»، وهو يمكث الآن غير بعيد فى انتظار أن يفى الريس والجماعة بما بذلوه له من وعود، وهو لا يطلب الكثير، إنه فقط يريد أن يعيش عيشة مستورة ليس أكثر، ويوم أن يشعر بأى نوع من البطء فى الحصول على هذا الاستحقاق، فسوف يكون له كلام آخر، ومواقف مختلفة مع الرئيس والجماعة ومن «يتشدد لهما». لا يظنن أحد أن بإمكانه الضحك على هذا الشعب، أو اللعب على وهم سذاجته وقلة وعيه، فهذا الشعب أذكى من جميع حكامه، وأوعى من «النخب»، وأخف حركة من الشباب، وأكثر عدداً من الإخوان، وأكثر عدة من السلفيين، وأسرع غضباً من الجهاديين، إنه فوق كل هؤلاء، وسوف تكون له الكلمة الأخيرة فى المشهد. المواطن الذى كتب «نعم» فى بطاقة التصويت كان يبعث برسالة إلى مرسى والإخوان يقول فيها «أنا مطول بالى عليكم لغاية أما أشوف نهايتها إيه».. تريد «نعم»، هى لك، لكن إياك أن تظن أنك تستطيع أن تخدعنى كل الوقت، بل لا تحسبن أنك أفلحت فى خديعتى بعض الوقت، فكل شىء مسجل و«الحسّابة بتحسب». الحذر الحذر من الخلود إلى «الغفلة»، حتى يأتى يوم يصل فيه الشعب إلى حالة «قفلة»، فلحظتها لن يترك الشعب أحداً، وسوف يعاقب الجميع على القديم والجديد، ولن تنفع وقتها قولة «يا ريت اللى جرى ما كان»!!