حصلت "الوطن" على نص كلمة البابا ثيودروس الثاني، بابا وبطريرك الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس، التى سيلقيها غدا، الثلاثاء، في قداس صلاة عيد الميلاد المجيد "الكريسماس"، والذي سيقام بكاتدرائية القديس نيقولاوس، بالمقر البطريركي، بالحمزاوي، والتي تشمل دعوة الأقباط لتقبل الآخر. وجاء نص الكلمة: "إخوتي وأبنائي الأحباء في كل أفريقيا رعية العرش الرسولي البطريركي الإسكندري.. نعمة ورحمة وسلام مولود بيت لحم ربنا ومخلصنا يسوع المسيح". قبل ألفي عام أعلن الله عن رحمته بلا حدود "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد كي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 16:3). ابن وكلمة الله أفرغ ذاته آخذاً صورة عبد ووُلد كإنسان، تقبل الإنسانية رغم اختلافه عنها في طبيعته، وأصبح أداة لاتحاد الجنس البشري بالله. إن استضافة الإنسان من قِبَل الله في شخص يسوع المسيح تعتبر مثالاً لعلاقتنا مع الآخرين. هذه الاستضافة تعني إفراغ لذاتنا وقبول الآخر بلا شرط، كما أنها لا تنحصر في حدود أعضاء مجتمعنا بل تمتد لتحتضن جميع البشر، ذلك أن يسوع المسيح المتجسد يدعونا أن نحب حتى أعدائنا ونصلي من أجلهم. لقد اختار مثال "سامري" غريب كي يُظهر لنا ضرورة إتمام وصية المحبة لمن هم خارج عنا، كما كي يُبين لنا سعة استضافة كل من هم بحاجة لها ممن دُفعوا إلى التهميش من المجتمع، ذلك كما عانى هو نفسه من عدم قدرة الناس على فهمه وتقبله واستضافتهم له. لقد قدم يسوع المسيح نفسه مثالاً لنا فاحتضن المنبذين واستضاف الغرباء وقرب إليه الآخرين، ليصبح لنا نبع إلهام لتصرفنا الاجتماعي تجاه كل مَنْ هم بحاجة إلى الاستضافة. هذه الاستضافة في أيامنا هذه يجب أن نعيشها ليس فقط بتقديم المساعدة للآخرين، بل كانفتاح عليهم. انفتاح يستند على الاحترام لقيمة الإنسانية لكل إنسان بدون تمييز في الجنس أو اللون أو العرق أو الدين أو الاعتقاد، انفتاح مبني على الإيمان بالله. انفتاح يتجلى في التواصل السلمي المليء بالمحبة بين الناس؛ أناس مجهولون لنا فقراء معذبون، بل أكثر من ذلك أناس غرباء عنا قومياً وحضارياً ودينياً. إن تقبل الآخر هو إثبات للاستضافة الحقيقية، تقبل الآخر هو تطبيق للوصية الإلهية "أحب قريبك كنفسك"، والقريب هو كل مَنْ هو خارج عنا الذي بحاجة، كما أوضح يسوع المسيح في مثال ال"سامري"، لأن تقبل الآخر يمكن أن يغيره كما يمكن أن يغيرنا نحن أيضاً. هذه الرسالة أرسلها إليكم من أفريقيا، حيث تمتد بطريركيتنا، الأرض التي يتكلم الله فيها من خلال أبنائها الآخرين حتى يُعلمنا ويُغيرنا. لأن الله يستخدمنا على هذه الأرض حتى يُغير الآخرين. عيد ميلاد مجيد، وكل عام وأنتم بخير."