رأى خبراء ومحللون إقتصاديون أن التأخر فى إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، قد يؤثر سلبا على الاقتصاد المصري وقوة الدفع التى حصلت عليها البورصة بعد إنتهاء المرحلة الانتقالية وتولي البلاد رئيسا منتخبا، خاصة وأن هناك العديد الملفات الاقتصادية الساخنة المؤجلة والتى تحتاج إلى سرعة تحرك. وأكد الخبراء فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الاوسط على أهمية أن تكون الحكومة الجديدة توافقية، ويتم إختيارها بتأني وتتسم بالتناغم والتفاهم والاتفاق على ألا تأتي بأسماء بعينها بهدف إرضاء القوى السياسية والثورية وذلك حتى لا تحمل فشلها معها. يقول الدكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الاسبق إن الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة قد تأخر كثيرا، ولا ينبغي أن تستغرق وقتا أكثر من ذلك خاصة وأن إعلان إسم الرئيس مر عليه ما يقرب من 3 أسابيع، إلا أنه أبدى فى الوقت نفسه تفهمه لأسباب التأخر. ونبه إلى أن طول فترة الاعلان عن تشكيل الحكومة لأكثر من ذلك قد يكون له تداعيات سلبية وعواقب أكثر خطورة على الاقتصاد خاصة فى ظل الملفات الصعبة والساخنة التى تنتظر الحكومة الجديدة سواء المتعلقة بأزمات المستثمرين أو إعادة بناء الاقتصاد أو الملف الاكثر عجلة وهو المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض عاجل بقيمة 2ر3 مليار دولار والذي سيكون بمثابة الاشارة للتوصل إلى برنامج إصلاح إقتصادي متوافق شعبيا ودولية وكذلك يعطي تأكيدات إيجابية للمجتمع الاستثماري الدولي. وأضاف أبوعلي أن الشركاء فى الثورة والإنتخابات الرئاسية يودون بكل تأكيد المشاركة في تشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي لابد من التوافق بين الإتجاهات المختلفة وهو أمر يستغرق بعض الوقت. وأوضح أن تشكيل حكومة إئتلافية ينبغي أن يكون لها اتجاه وسياسات واضحة ومتفاهمة حتى تكون أكثر فاعلية ولا تأتي حكومة متضاربة يحكم عليها بالفشل قبل أن تتولي الأمور التفيذية في البلاد. ويقول محسن عادل الخبير الاقتصادي إن تأخر إعلان تشكيل الحكومة قد يخلق حالة من الترقب الحذر بما لا يسمح بإستفادة الاقتصاد وسوق المال بشكل كامل من قوة الدفع الخاصة بالاستقرار السياسي التى شهدتها البلاد بعد إعلان فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة. وطالب بضرورة الإسراع بتشكيل حكومة تتوافق مع المطالب الشعبية تتبنى سياسات إصلاحية واضحة المعالم ينتج من خلالها برنامج كامل لإعادة بناء الاقتصاد ويؤدي إلى دفع عجلة الاقتصاد وبما يضمن في الوقت نفسه استمرار نشاط سوق المال المصري. وأشار إلى أن الحكومة الجديدة أمامها العديد من الملفات التى تحتاج إلى تحرك سريع أولها ملف عودة الأمن ووضع خريطة طريق للاقتصاد وصياغة تشريعات إقتصادية لإصلاح الهيكل المؤسسي والاقتصادي للدولة بالاضافة فتح ملف التصالح مع المستثمرين وهو الملف الاكثر تعقيدا أمام الحكومة الجديدة والذي أدى إلى تجميد إستثمارات بالمليارات نتيجة عدم حسم حكومات مع بعد الثورة لهذا الملف. وعلى صعيد البورصة.. أوضح عادل ان قوة الدفع التى شهدتها البورصة بعد إعلان فوز الدكتور محمد مرسي بالرئاسة بدأت تضعف فى الايام الاخيرة من الاسبوع الماضي ما يعني تحول المستثمرين إلى الترقب الحذر نتيجة تأخر إعلان تشكيل الحكومة الجديدة. ولفت إلى أن المستثمرين المصريين قاموا بعمليات شراء مكثفة وتحول المستثمرين العرب من البيع إلى الشراء، كما تقلصت مبيعات الاجانب وهو مؤشر إيجابي كان يجب إستغلاله بسرعة تشكيل حكومة توافقية، لكن تأخر إعلان الحكومة بدأ المستثمرون المصريون فى الاتجاه البيعي وتقلصت مشتريات العرب وعاد الاجانب للسلوك البيعي. ويرى الدكتور أحمد جلال رئيس منتدي البحوث الاقتصادية أن ما يحدث فى البورصة من إرتفاعات وإنخفاضات ربما لا يعد مقياسا لتقييم الاوضاع السياسية فى مصر، معتبرا أن الرؤية الاقتصادية التى تحملها الحكومة الجديدة هي الاكثر أهمية. وقال إن هناك ترقب بكل تأكيد لتشكيل الحكومة الجديدة وأسماءها وتوجهاتها وهل ستكون حكومة تهتم بالسياسات التى تضمن الاهتمام بعملية النمو الاقتصادي مع عدالة التوزيع، مؤكدا على ضرورة أن يأخذ الرئيس وقته كاملا لإختيار رئيس الحكومة وتشكيلها والتى يجب ان تكون حكومة قادرة على تحقيق الاهداف التى أعلنها. واتفق على أن التأخر فى الاعلان عن تشكيل الحكومة سيكون له عواقب ليست إيجابية على الاقتصاد وكل يوم له ثمنه، لكنه رأى فى الوقت نفسه أن التعجل فى تشكيلها دون أن تكون حكومة متفاهمة ومتوافقة سيؤدي إلى ما يشبه الكارثة سياسيا وإقتصاديا. بينما يرى الدكتور مدحت نافع أستاذ التمويل الدولي بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري أن التأخر فى إعلان تشكيل الحكومة الجديدة ربما أعطى بعض الاشارات الإيجابية، منها عدم صحة ما كان يردده البعض من مخاوف حول تجهيز جماعة الاخوان المسلمين لقوائم إحلال وتبديل فى المراكز القيادية فى الدولة، معتبرا تأخر إعلان الحكومة بمثابة تأكيد على وجود مشاورات لإشراك كافة القوى السياسية فى إدارة البلاد وليس إنفراد فصيل بعينه بها. وأشار إلى أن مصر تمر بظروف إستثنائية فى تاريخها، وتشكيل الحكومة الجديدة هو أمر استثنائي أيضا لأنها تأتي بعد تولي رئيس منتخب من الشعب وينتمي لجماعات الاسلام السياسي واعلن عن أن حكومته ستكون إئتلافية، بما يعني أن الامر يحتاج إلى مزيد من الوقت والمفاوضات حتى تأتي حكومة توافقية ومتفاهمة فى ذات الوقت. ورأى أن مسألة وضع الشخص السليم فى المكان السليم امر يحتاج إلى دراسة متأنية ولا يجب التعجل، مشيرا إلى أن سياسية التريث وعدم التعجل هذه تعطي إشارات إيجابية للمستثمر الذي يريد الاستقرار أيا كانت السياسيات، ولا يريد كثرة التغيير حتى لو متعلق بأمور إيجابية.