عشقه للموسيقى وإيمانه بان بالموسيقى تتحرر المشاعر من الاحزان، وتطرح فى القلوب بهجة ومنها وبدون لغة تتالف قلوب البشر بالوانهم واجناسهم هو ما دفعه لدراسة تاريخ الموسيقى فى اوروبا عام 1919، بعد ان سافر الى المانيا لدراسة "الزراعة" فترك شهادة تخرجه وأتجه لدراسة الموسيقى بعد ان وجد فيها أرضه الخصبة كفنان ، عائداً راغب الى مصر بعد سبع سنوات فى المانيا حاملا فى حقائبه مشروع "حارس للتراث القبطى" . وفى عام 1927 بدأ راغب مشروعه الخاص بالمحافظة على تراث الألحان والموسيقى القبطية خوفا عليها من الاندثار ، وبدأ فى تسجيل الألحان المؤداة بصوت المعلم ميخائيل جرجس البتانونى وهو رئيس مرتلى الكاتدرائية المرقسية، حتى تمكنوا من تسجيل أول عمل وهو مردات القداس الباسيلى ، واشترك ايضا فى تأسيس "معهد الموسيقى القبطية" عام 1955 مع كل من د. عزيز سوريال عطية ودكتور سامي جبره ودكتور مراد كامل. وفي عام 1932 اختارته الحكومة المصرية ليكون ممثلاً للموسيقي القبطية في مؤتمر لدراسة "الموسيقي الشرقية"، وفي عام 1940 كوّن فرقة مرتلين من طلبة الإكليريكية وخورسين: احدهما لطلبة الجامعة والثاني للطالبات. وفي عام 1945 أقام مركزاً لتعليم الألحان للمعلمين والشمامسة في وسط القاهرة وأسند التدريس فيه إلي المعلم ميخائيل. حبه للموسيقى وإيمانا بمشروعه كحارس للتراث القبطى جعله ينسى زواجه حتى أطمئن من وضع مشروعه وحلم حياته على بداية الطريق ، ففى عام1963، وعن عمر يناهز السبعين، تزوج د.راغب مفتاح من السيدة ماري جبرائيل رزق وهذا كان فصلا جديدا في حياة راغب. "يجب علي الأقباط ان يتعلموا ويقرأوا هذا التراث الكنسي والمحافظة علي هذه الجوهرة الثمينة التي وصلت إلينا من حوالي ألفي عام وأستلمه جيل بعد جيل" .. هذا هو ما صرح به مايسترو الموسيقى القبطية د.راغب مفتاح عام 1991 فى احدى الاحاديث الخاصة معه ، بعد رحلة طويلة مع الألحان والتدوين ظل مايسترو الموسيقى القبطية يدون فيها التراث القبطي الكنسي من مصادرة الثلاثة ( الكتاب المقدس - الهوسات الأربعة - ، الاباء القديسون أمثال "أثناسيوس الرسولى" والقديس "كيرلس عمود الدين" والذى وضع الكثير من الألحان ومنها" ثيؤطوكية يوم الأثنين" ، والمصدر الثالث وهو المعلمون أو المرتلون فى الكنيسة من امثال المعلم "سيركس" واضع لحن "أربصالين" والمدائح الرومى التى تقال فى عشيات شهر كيهك، فظل يدونها فى شكل نوت موسيقية بالرغم من أدراكه أن كتابة هذه الألحان فى نوت ليس كافياً من أجل تعليم وتدريس هذه اللغة بنجاح، وهو ما قد تسبب فى تأخر نشر التراث القبطى الكنسى حتى عام 1991. " إن الصنوج المستخدمة في الصلاة هذه الأيام هي حديثة واضافة وتصور خاطئ للناقوس الذي كان يستخدم في الأزمنة القديمة. والذي كان يستخدم لضبط الإيقاع ليمكّن جموع المؤمنين من الترتيل معاً والناقوس هو أله غير كافية لإضافة أي انسجام للألحان القبطية، وتغير هذه العادات هو خطر كبير علي الألحان والموسيقي القبطية خصوصاً انها موسيقي صوتية لا تعتمد علي الآلات الموسيقية"... أيمانه الحقيقى كمبدع وفنان بالتطوير جعله يغير من الشكل العام لتراث الموسقى القبطية مع المحافظة على الألحان والنصوص القبطية و تسجيلها والتى كانت تتوارث بالتواتر. عمل "حارس التراث القبطى " فى تدوين القداس الأرثوذكسي القبطي للقديس باسيليوس مع ترجمة موسيقية كاملة والذي أستغرق اكتماله ثلاثين عاماً، وقامت الجامعة الأمريكيةبالقاهرة سنة1998 بنشر هذا العمل وهو يحتوي علي نص القداس كاملاً باللغة القبطية والعربية ويحتوي علي ترجمة انجليزية بالإضافة علي ستة أشرطة كاسيت للقداس الباسيلي ويشمل هذا العمل أيضاً عدد 26 بكرة لف لشرائط تحتوي تسجيل لقداس القديس اغريغوريوس والذي عادة يستخدم في الأعياد مثل الميلاد، القيامة والغطاس. فهذا العمل يعتبر أداة مهمة ولازمة لمعهد الدراسات القبطية ويعطي جموع الشعب القدرة علي الإتحاد والألفة بالجمال الحقيقي لهذا التراث الموسيقي. عاش د.راغب حياته في منزله القاطن بالجيزة قرب الأهرامات وما زال يمتلك البيت العائم علي ضفاف النيل حيث بدأ به مشروع الحفاظ علي التراث الكنسي القبطي مع الأستاذ أرنست نيولاند سميث 1927، وأستطاع د.راغب من خلال منزله المتواضع ان يلحن العديد من الالحان التى يحتفل بيها العالم فى الاعياد مثل " عيد البشارة ، و أحد الشعانين، عيد القيامة-عيد الفصح- ، عيد الغطاس" ومنها ألحانه مع المعلم ميخائيل البتانونى: "لحن كاطا الحجاب وأتيم وياكل وأخريستوس الدورة" . أمتدت رحلة "حارس التراث القبطى" 103 عام من العطاء قاد فيها دون كلل كمايسترو للموسيقى القبطية في مصر والعالم العربى حتى وفاته في عام 2001 .