اعتذار قناة "المنار" اللبنانية والتابعة لحزب الله إلى هيئة شؤون الإعلام في مملكة البحرين، بخصوص تغطيتها لأخبار المملكة في الفترة السابقة، صدمة فعلية، ونتفق مع وصف جريدة الأخبار البيروتية أنها "سقطة المنار"، والتي حاول حزب الله تداركها بالتبرؤ من البيان الذي قدمه عبد الله قصير رئيس القناة. مؤكدا "الحزبُ" أن الموقف الذي اتخذه الوفد الممثل لإدارة المجموعة اللبنانية للإعلام كان تقديراً خاصاً منه، لم تتم مراجعة قيادة حزب الله فيه. في واقع الأمر، بيان حزب الله الذي أكد "أن الاعتذار يجب أن يتوجه إلى الشعب البحريني نفسه الذي أبدى صبراً وتحملاً قلّ نظيرهما لأكثر من سنتين ونصف وهو يعاني القمع وكل أنماط التعسف من قبل السلطات الحاكمة التي لن ينفعها كل محاولات الضغط لكمّ الأفواه وإسكات صوت الحق"، لم يلتفت إلى رئيس القناة الذي اتخذ موقفا من ذاته طبقا لرواية البيان، ولم يشر الحزب إلى أي إجراء إداري أو قانوني تجاه من ورط "المقاومة" في الاعتذار إلى الجلادين. تجاهل بيان حزب الله لمساءلة "قصير"، والاكتفاء بإدانة "التهديد والتهويل والاتهام الظالم الذي تمارسه السلطات في البحرين بحق كل من يقف إلى جانب الشعب البحريني وقضيته العادلة" يشير إلى موافقة، ولو ضمنية على خطوة الاعتذار، التي يظن البعض أنها ممكنة التراجع ببيان "التبرؤ"، فوسائل الإعلام الخليجية، بدءًا من "وكالة أنباء البحرين" وقناة "العربية" و"الممولة سعوديا"، راحت تزف الخبر وكأنه انتصار لسلطة حمد بن عيسى، مبرزة تهديد رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون في السعودية، عبد الرحمن الهزاع، عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" بإلغاء عضوية قناة المنار في حال عدم التزامها الموضوعية في تغطية الأحداث في أية دولة عربية. في تنظيم حديدي كحزب الله، يعاني تربص قوى دولية وإمبريالية، ألا يعتبر اتخاذ أي شخص مهما كانت صفته موقفا دون الرجوع إلى القيادات "اختراقًا" للنظام الأمني للحزب، وتآمرا على مواقف "المقاومة"؟ بخاصة وأن الاعتذار يتناقض مع مواقف القيادة بالحزب، وتحرج موقفه بخاصة في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة. وبناءً عليه، فإن سكوت "الحزب" على جريمة "الاعتذار" لا يمكن تفهمه إلا في سياق اتفاق الحزب وإدارة القناة على هذه المناورة التي تخلو من الحنكة وتتسم بالبرجماتية التي لم نعهدها بمواقف "المقاومة" ورجالها من قبل. بعد بيان قناة المنار عن التغطية غير الحيادية للثورة المنسية، وتبرأ حزب الله بعدها، فإننا نلحظ أن المقاومة تدخل وبإرادتها إلى مناورات السياسة، الموقف وضده، تدخل إلى مربع خطر، فالبيان وإن وصفه البعض بالموقف التكتيكي؛ فقد "باع" الشعب المنتفض في ميدان اللؤلؤة، باع الضحايا والجرحى والثكالى، والحالمين بحياة أفضل، مقابل استمرار بث القناة، وقبول الخليج بالتسوية الخاصة بالمشروع النووي الإيراني، هنا أتذكر مقولة الشهيد جورج حبش "إن المقاتل غير الواعي سياسيًا كأنما يوجه فوهة البندقية إلى صدره".