* التقرير ينتقد اتفاقيات الاستثمار الثنائية.. ويؤكد: تكبل يد القضاء المصري وتفرض علينا سلطات التحكيم الدولي * مصر تجذب استثمارات غير مفيدة لاحتياجات اقتصادها.. والاستثمار الأجنبي عبر الخصخصة تسبب في تفكيك الصناعة وتشريد العمالة ندد تقرير أصدره المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اليوم بعنوان «مصر والتحكيم الدولي: حماية للمستثمر ولا عزاء للمال العام»، بسياسة حكومة الدكتور حازم الببلاوي، وفشلها في محاربة الفساد الذي يكلف الدولة ما يقرب من 40 مليار جنيه سنويا، وقال التقرير إنه رغم الفساد الذي عانت منه مصر مؤخرا، إلا أن حكومة الببلاوي تصر على التصالح معه خوفا من لجوء المستثمرين الأجانب للتحكيم الدولي . وقال التقرير إن كل حكومات ما بعد الثورة، سارت على نفس نهج حكومات مبارك في السياسات الاقتصادية والاجتماعية، موضحا أن "حكومة الجنزوري انتهجت نهج مبارك، وانتهجت حكومة قنديل نهج الجنزوري، وانتهجت حكومة الببلاوي نهج حكومة قنديل". وأضاف التقرير الذي يناقش اتفاقيات الاستثمار الثنائية وعلاقتها بالتحكيم الدولي وتأثيرها على الفساد في مصر، أن مصر تفقد سنويا حوالي 40 مليار جنيه مصري بسبب الفساد، وهو ما يوازي مرة ونصف ميزانية الصحة في 2012-2013، والبالغة 27 مليار جنيه مصري. كما ناقش التقرير الاستثمار الأجنبي، مشيرا إلى أن مصر تجذب استثمارات غير مفيدة لاحتياجات الاقتصاد المصري، فالاستثمار الأجنبي في مصر حتى اليوم كان إما شراء لأصول تملكها الدولة وهو ما نتج عنه برنامج الخصخصة الي تسبب في تفكيك الصناعة المصرية وتشريد نسبة كبيرة من العمالة المصرية، أو الاستثمار في قطاع البناء والتشييد والذي سيطر عليه بناء المنتجعات السكنية الفاخرة، وهي من أهم القطاعات المسئولة عن القضايا المقدمة ضد مصر في محاكم الاستثمار الدولية. لذا، مؤكدا وجود حاجة ماسة لمراجعة أولويات الاستثمار في مصر، والتي قد تتمركز في جذب الاستثمار في القطاعات كثيفة العمالة، مع دراسة الاستثمار في العقود الماضية وأسباب فشل مصر في جذب الاستثمار المفيد والجاد. وتناول التقرير قضايا التحكيم الدولي التي تم تقديمها ضد مصر من قبل مستثمرين أجانب، حيث تأتي مصر ضمن أكثر أربع دول تقاضى دوليا من قبل مستثمرين أجانب، فقد تقدم مستثمرون أجانب بأكثر من عشرة دعاوى قضائية ضد مصر منذ قيام الثورة في يناير 2011، وذلك أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار ICSID)) فقط، ومن المؤكد أن الرقم الأصلي يفوق هذه القضايا المعروفة، لأن العديد من القضايا تظل سرية، طبقا لقواعد المحاكم الدولية المختلفة المتخصصة في الفض في قضايا الاستثمار. وأضاف التقرير أنه بالرغم من الضرر الذي تعرضت له مصر طوال السنوات الماضية، سواء كان قبل أو بعد قيام الثورة، إلا أن مصر تظل مستعدة لتكبيل القضاء المصري والسيادة السياسية المصرية في اتخاذ القرار، وذلك بالدخول في اتفاقيات استثمار ثنائية أو اتفاقات حرة للتجارة والاستثمار جديدة، فبموجب الاتفاقيات الثنائية التي وقعت عليها مصر، يتم تحصين المستثمر الأجنبي ومنحه حماية فائقة، كما يتم فرض سلطات التحكيم الدولي على مصر. وأشار التقرير إلى أن السلطات مستمرة في إغفال الآثار الخطرة المترتبة على الدخول في تلك الاتفاقات الاستثمارية، وأهمها الحماية البالغة التي يحصل عليها المستثمر الأجنبي من خلال تلك الاتفاقيات، كقدرته على تخطي القضاء المحلي وتقديم دعاوى ضد الدولة والمطالبة بالتعويضات أمام المحاكم المتخصصة في قضايا الاستثمار، حتى ولو ثبت الفساد في استثماره. كما أن المحاكم الدولية المتخصصة في قضايا الاستثمار تختلف عن المحاكم الدولية الأخرى في أنها تتخطى القضاء المحلي ولا تأخذ أحكامه بعين الاعتبار، بل وتختلف أيضا في أن العديد من هذه المحاكم –حسب طبيعة اتفاقيات الاستثمار الثنائية- لها القدرة على تنفيذ الأحكام، وهو ما غرّم وسيظل يغرم مصر المليارات. وأضَاف المركز المصري " بعد عقود من الفساد الذي أهدر المال العام المصري، وأضاع حق المصريين في ثرواتهم، تظل الدولة المصرية غير قادرة على محاسبة الفاسدين وإعادة الحقوق المنهوبة،وذلك بشكل أساسي بسبب الاتفاقات الاستثمارية التي وقعت عليها مصر مع أكثر من مئة (100) دولة، ومن المحزن أن مصر بدلا من أن تراجع موقفها من تلك الاتفاقيات –كما تفعل العديد من الدول حاليا- اتجهت لتعديل تشريعاتها للسماح بالتصالح مع الفساد وإلغاء أحكام القضاء المصري الذي كشف الفساد في العديد من عمليات الخصخصة وبيع الأراضي، معللة بذلك الخوف من التقاضي الدولي".